التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
وقوله: قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح أي: ليس على دينك، قال ابن عباس، وغيره: لم تبغ امرأة نبي قط.

مجاهد، والحسن: لم يكن ابنه.

[ ص: 406 ] الحسن: إنما ولد على فراشه، فنسب إليه.

مجاهد: يدل على ذلك: فلا تسألن ما ليس لك به علم .

وقيل: إن معنى ليس من أهلك : ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم.

ويجوز أن يكون معنى إنه عمل غير صالح : إن ابنك ذو عمل غير صالح؛ فحذف المضاف، قاله الزجاج، وغيره.

[ويجوز أن تكون الهاء للسؤال، ويكون المعنى: إن سؤالك إياي ما ليس لك به علم عمل غير صالح]، قاله ابن عباس، والنخعي، وغيرهما.

ومن قرأ: {عمل غير صالح} ؛ فالمعنى: إن ابنك عمل عملا غير صالح.

وقوله: إني أعظك أن تكون من الجاهلين : نبهه الله عز وجل على ألا يسأل عما طوى عنه علمه.

ابن زيد: المعنى: إني أعظك أن تبلغ بك الجهالة أن تظن أني لا [ ص: 407 ] أفي بوعد وعدتك به حتى تسألني ما ليس لك به علم؛ فاستغفر نوح من مسألته.

قيل يا نوح اهبط بسلام منا أي: اهبط من السفينة.

وقوله: وعلى أمم ممن معك : قيل: دخل في هذا كل مؤمن إلى يوم القيامة، ودخل في قوله: وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم كل كافر إلى يوم القيامة، روي ذلك عن محمد بن كعب؛ والتقدير على هذا: وعلى ذرية أمم ممن معك، وذرية أمم سنمتعهم.

تلك من أنباء الغيب أي: تلك القصص.

وقوله: وإلى عاد أخاهم هودا أي: وأرسلنا إلى عاد أخاهم هودا، معطوف على أرسلنا نوحا .

يرسل السماء عليكم مدرارا أي: بالمطر؛ والمعنى: يتبع بعضه بعضا، فهو على معنى التكثير؛ كقولهم: (امرأة مذكار) ؛ إذا كانت تلد الذكور، وأكثر ما يأتي (مفعال) من (أفعل) ، وقد جاء ههنا من (فعل) ؛ لأنه من (درت السماء تدر، وتدر) ، فهي (مدرار) .

وقوله: ويزدكم قوة إلى قوتكم أي: شدة إلى شدتكم.

وقيل: إنهم أقاموا ثلاث سنين ولم يولد لهم، فقيل لهم: إن آمنتم أحيا الله بلادكم، ورزقكم الولدان، فتلك القوة.

[ ص: 408 ] الزجاج: المعنى: يزدكم قوة في النعم.

وقوله: إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء أي: أصابك بعض أصنامنا بجنون؛ لسبك إياها، عن ابن عباس، وغيره.

فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون أي: كيدوني أنتم وآلهتكم، وهذا من أعلام النبوة.

وقوله: ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها : (الناصية) : مقدم شعر الرأس، وخصت بالذكر؛ لكثرة استعمال العرب ذلك فيها.

ويقال: إن أصل ذلك: أنهم كانوا يجزون ناصية الأسير الذي يمنون عليه؛ فقالوا لذلك: (ناصية فلان بيدي) ؛ أي: أنا أملكها.

وقوله: إن ربي على صراط مستقيم : قيل: معناه: إن أمر ربي في تدبيره لخلقه لعلى صراط مستقيم؛ لأنه جار على طريق الاستقامة، لا خلل فيه، ولا اضطراب.

مجاهد: المعنى: أنه على الحق، يجزي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، ولا يقبل إلا الإيمان به.

وقوله: فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم أي: فإن تولوا؛ فقل لهم: قد أبلغتكم.

[ ص: 409 ] وقوله: ولا تضرونه شيئا أي: إن أراد إهلاككم؛ لم تقدروا أن تضروه شيئا.

وقيل: المعنى: لا يضره إهلاككم شيئا، ولا ينقصه.

إن ربي على كل شيء حفيظ أي: يحفظني من أن ينالني منكم سوء، وقيل:

حفيظ لأعمال العباد.

وقوله تعالى: نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا يعني: ما عذب به قومه في الدنيا، ونجيناهم من عذاب غليظ يعني: عذاب الآخرة.

وقوله: وعصوا رسله يعني: هودا ومن سواه من الأنبياء عليهم السلام؛ لأن من عصى رسولا واحدا؛ فقد عصى جميع الرسل.

واتبعوا أمر كل جبار عنيد : (العنيد) : الطاغي.

وقوله تعالى. وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة أي: ألحقوها، ويوم القيامة أي: وأتبعوا يوم القيامة مثل ذلك، فالتمام على قوله: ويوم القيامة .

ألا إن عادا كفروا ربهم أي: كفروا بربهم، وقيل: المعنى: كفروا نعمة ربهم.

وقوله تعالى: وإلى ثمود أخاهم صالحا أي: وأرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا.

هو أنشأكم من الأرض يعني: خلقه آدم من تراب.

واستعمركم فيها أي: أعمركم؛ أي: جعلها لكم طول أعماركم، قاله مجاهد، وغيره.

وتقدم القول في معنى إن ربي قريب مجيب .

[ ص: 410 ] وقوله: قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أي: كنا نرجو أن تكون فينا سيدا.

وقوله: فمن ينصرني من الله إن عصيته أي: لا ينصرني منه إن عصيته أحد، فاللفظ لفظ الاستفهام، والمعنى النفي.

فما تزيدونني غير تخسير : [أي: ما تزيدونني بعذركم بعبادة آبائكم الأصنام غير تخسير لكم؛ أي]: أنكم تخسرون حظوظكم من رحمة ربكم، قاله مجاهد.

وإنما قال: {تزيدونني} ؛ لأنهم يعطونه بذلك العذر.

وقيل: المعنى: ما تزيدونني إن أجبتكم إلى ما تدعونني إليه غير تخسير.

وتقدم ذكر عقر الناقة.

وقوله تعالى: فيأخذكم عذاب قريب : قيل: قريب من عقرها، وقيل: قريب غير بعيد.

وقوله: فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام أي: في بلادكم، وقال لهم صالح فيما روي: علامة العذاب أن تصبح وجوهكم في اليوم الأول مصفرة، وفي الثاني محمرة، وفي الثالث مسودة.

وقوله تعالى: ومن خزي يومئذ أي: ونجيناهم من خزي يومئذ؛ أي: من فضيحته وذلته.

[ ص: 411 ] وقوله: وأخذ الذين ظلموا الصيحة : جاء مذكرا على معنى: الصياح.

التالي السابق


الخدمات العلمية