التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
[ ص: 279 ] قل بئسما يأمركم به إيمانكم يعني: من الإقامة على قتل الأنبياء.

قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين : هذا من معجزات النبي (صلى الله عليه وسلم) ؛ لأنه قال لهم ذلك، وأعلمهم أنهم إن تمنوا الموت; ماتوا، وكانوا يعلمون ذلك من كتابهم، فلم يقدموا على تمنيه.

وكذلك امتناع النصارى من المباهلة، على ما سأذكره في (آل عمران) ، وهذه المعجزة إنما كانت على عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ثم ارتفعت بوفاته (صلى الله عليه وسلم) ، ونظير ذلك: رجل يقول لقوم يحدثهم بحديث: دلالة صدقي أن أحرك يدي، ولا يقدر أحد منكم أن يحرك يده، فيفعل ذلك، فيكون دليلا على صدقه، ولا تبطل دلالته إن حركوا أيديهم بعد ذلك.

وقوله: بما قدمت أيديهم أي: لعلمهم بما قدموه من الكفر بالنبي (صلى الله عليه وسلم) .

والله عليم بالظالمين أي: عليم بما يستحقونه من الجزاء; فهو وعيد.

[ ص: 280 ] وقيل: هو إخبار من الله تعالى بأنه يعلم ما في ضمائرهم.

ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا أي: وأحرص من الذين أشركوا; يعني: المجوس.

يود أحدهم لو يعمر ألف سنة يعني: أن تحية المجوس قولهم: عش ألف سنة.

وذهب الحسن : إلى أن الذين أشركوا : مشركو العرب، خصوا بذلك; لأنهم لا يؤمنون بالبعث، فهم يتمنون طول العمر.

وأصل {سنة} : (سنهة) ، وقيل: (سنوة) .

ودخلت {ومن} في: ومن الذين أشركوا ؛ لأنهما صنفان، فليست اليهود بعض المجوس; فيأتي بغير (من) ، كما جاء أحرص الناس ؛ إذ كانوا بعض الناس، ويجوز أن يكون التقدير: ومن الذين أشركوا من يود، فيوقف على {حياة} .

وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، والمعنى: ولتجدنهم وطائفة من الذين أشركوا أحرص الناس على حياة.

وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر أي: وما أحدهم بمزحزحه من العذاب تعميره، وتقديره مذكور في الإعراب.

قل من كان عدوا لجبريل الآية.

يروى: أن اليهود قالت: لو كان صاحب محمد الذي يأتيه بالوحي غير [ ص: 281 ] جبريل; لآمنا به، فأما جبريل فهو عدونا; لأنه صاحب القتل والخسف والعذاب، فنزلت الآية.

فإنه نـزله على قلبك : (الهاء) في (فإنه) لجبريل، وفي (نزله) : للقرآن.

وقيل: (الهاء) في (فإنه) لله عز وجل، المعنى: فإن الله نزل القرآن، أو نزل جبريل.

و ( جبريل ) في قول ابن عباس، وغيره: كـ (عبد الله) ، وكذلك ( ميكائيل ) ، حسب ما قدمناه في (إسرائيل) .

وقيل: إن هذه الأسماء الأعجمية لا اشتقاق لها، وذكر بعض المفسرين: أن تفسير ( جبريل ) بالعربية: عبد الله ، و ( ميكائيل ) : عبيد الله، و ( إسرافيل ) : عبد الرحمن.

التالي السابق


الخدمات العلمية