التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
[ ص: 108 ] التفسير:

قوله تعالى: ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا المعنى: ولقد صرفنا هذا القرآن، وقيل: إن {في} زائدة; والتقدير: ولقد صرفنا هذا القرآن.

وما يزيدهم إلا نفورا أي: ما يزيدهم التصريف إلا نفورا.

وقوله: إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا أي: لتقربوا إليه، والتمسوا الزلفى [عنده.

ابن جبير: المعنى: إذا لطلبوا طريقا للوصول إليه; ليزيلوا ملكه].

وقوله: وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم : قال الحسن: كل شيء فيه روح يسبح، وقال النخعي وغيره: هو عام فيما فيه روح، وفيما لا روح فيه، حتى صرير الباب، واحتجوا بتكليم الجمادات [كالشجر والمدر للنبي صلى الله عليه وسلم.

وقيل: تسبيح الجمادات]: أنها تدعو الناظر إليها إلى أن يقول: سبحان الله! وقيل تسبيحها: ما فيها من الدلالة على خالقها.

وقوله تعالى: وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا أي: مستورا عن أبصار الناس; كالطبع على قلوبهم، وتغشية أبصارهم.

وقيل: هو بمعنى: (ساتر) ، والآية في قوم كانوا يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم إذا [ ص: 109 ] سمعوه يقرأ; فأعلمه الله تعالى أنه جعل بينه وبينهم حجابا ساترا; فلا يفقهون ما يقول، ولا ينتفعون به.

وقيل: (الحجاب) : منع الله تعالى إياه من أراد أذاه.

وقوله: وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا : (الأكنة) : جمع (كنان) ; وهو ما ستر، و (الوقر) : الصمم.

وقوله تعالى: أدبارهم نفورا : قيل: يعني بذلك: المشركين، وقيل: يعني: الشياطين.

وقوله: {نفورا} : يصلح أن يكون مصدرا، ويصلح أن يكون جمع (نافر) .

وقوله: نحن أعلم بما يستمعون به : كانوا يستمعون من النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ينفردون; فيقولون: هو ساحر، ومسحور، وما أشبه ذلك مما أخبر الله تعالى به عنهم، قاله قتادة وغيره.

و (النجوى) : مصدر وصف به.

وقوله: إن تتبعون إلا رجلا مسحورا أي: قد سحر، من (السحر) ، يقولون ذلك، لينفروا عنه الناس.

[ ص: 110 ] وقيل: المعنى: أن له سحرا; أي: رئة، فهو لا يستغني عن الطعام والشراب مثلكم، وليس بملك.

وقيل: معنى (مسحور) : مخدوع.

وقوله تعالى: انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا : قال مجاهد: أي: [لا يستطيعون مخرجا، وقيل: لا يستطيعون] سبيلا إلى الهدى.

وقوله: عظاما ورفاتا : قال ابن عباس: (الرفات) : الغبار، مجاهد: (الرفات) : التراب، أبو عبيدة والكسائي: {ورفاتا} : حطاما.

ومعنى قوله: خلقا جديدا : مجددا.

وقوله تعالى: قل كونوا حجارة أو حديدا أي: لو كنتم كذلك; لأعادكم كما بدأكم.

أو خلقا مما يكبر في صدوركم : قال مجاهد: يعني: السماوات والأرض، والجبال.

ابن عباس، وابن جبير، وغيرهما: يعني: الموت.

فسينغضون إليك رءوسهم أي: يحركونها من فوق إلى أسفل، ومن أسفل إلى فوق، كفعل المتعجب المستبطئ للشيء.

[ ص: 111 ] ابن عباس، وقتادة: المعنى: يحركونها استهزاء.

وقوله تعالى: يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده : [(الدعاء) : النداء إلى الحشر بكلام يسمعه جميع الخلائق، وقيل: بالصيحة التي يسمعون، فيدعوهم إلى الاجتماع إلى أرض المحشر.

وقوله: فتستجيبون بحمده : [أي: حامدين، وقيل: معنى {بحمده} أي: بأمره; أي: تقرون بأنه خالقكم، وقيل: المعنى: بقدرته، وقيل: بدعائه إياكم].

وتظنون إن لبثتم إلا قليلا يعني: بين النفختين; وذلك أن العذاب يكف عن المعذبين بين النفختين، فينامون، فذلك قوله تعالى: من بعثنا من مرقدنا [يس: 52]، فيكون خاصا للكفار.

وقال قتادة: المعنى: أن الدنيا تحاقرت في أعينهم وقلت حين رأوا يوم القيامة.

وقوله تعالى: وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن أي: قل لهم يأمروا بما [ ص: 112 ] أمر الله تعالى به، وينهوا عما نهى الله عنه.

الحسن: التي هي أحسن : يرحمك الله، يغفر الله لك، يريد: عند المنازعة.

وقيل: هي لا إله إلا الله.

إن الشيطان ينـزغ بينهم أي: يفسد.

وقوله: ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم : هذا خطاب للمشركين; والمعنى: إن يشأ يوفقكم للإسلام، فيرحمكم، أو يميتكم على الشرك، فيعذبكم.

وما أرسلناك عليهم وكيلا أي: لم نوكلك على منعهم من الكفر.

وقوله: ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض : قد تقدم القول فيه.

وقوله تعالى: قل ادعوا الذين زعمتم من دونه : قال الحسن: يعني: الملائكة، وعيسى، وعزيرا.

ابن مسعود: يعني: الجن.

أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة : أعلمهم الله تعالى أن المعبودين يبتغون القربة إلى ربهم، و (الهاء) في {ربهم} تعود على العابدين، أو [ ص: 113 ] على المعبودين، أو عليهم جميعا.

وقوله: أيهم أقرب أي: يبتغون الوسيلة ينظرون أيهم أقرب إلى الله تعالى؟ فيتوسلون به، ويجوز أن يكون {يبتغون} بدلا من الضمير في {يدعون} ; أي: يبتغي أيهم أقرب الوسيلة إلى الله تعالى; أي: يتقرب إليه بالعمل الصالح.

ويرجون رحمته ويخافون عذابه أي: أن الذين تزعمون أنهم آلهة يرجون ويخافون.

وقوله تعالى: وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا يعني بقوله: مهلكوها قبل يوم القيامة : موت أهلها بغير عذاب، أو معذبوها يعني: موتهم بعذاب.

وقيل: المعنى: وإن من قرية ظالمة، ويقوي ذلك قوله: وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون [القصص: 59].

كان ذلك في الكتاب مسطورا أي: مكتوبا.

وقوله تعالى: وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون : في الكلام حذف; والمعنى: وما منعنا أن نرسل بالآيات التي اقترحوها إلا أن يكذبوا [ ص: 114 ] بها، فيهلكوا; كما فعل بمن كان قبلهم، قال بمعناه قتادة، وابن جريج، وغيرهما، فأخر الله تعالى العذاب عن كفار قريش; لعلمه أن فيهم من يؤمن.

وقوله: وآتينا ثمود الناقة مبصرة أي: ذات إبصار، وقيل: مبينة، تبين لهم صدق صالح.

فظلموا بها أي: ظلموا بتكذيبهم بها، وقيل: المعنى: ظلموا من أجلها لما عقروها.

التالي السابق


الخدمات العلمية