التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
[ ص: 333 ] ولقد علموا لمن اشتراه (من): بمعنى (الذي): مبتدأة، والخبر: وما له في الآخرة من خلاق ، و (من): زائدة للتوكيد، ولام لقد: للقسم، ولام (لمن): للتأكيد، هذا مذهب سيبويه، وأكثر النحويين، وإحدى الجملتين عند سيبويه مقسم عليها، وهي: ولقد علموا ، والتقدير: (والله لقد علموا) والجملة الثانية عنده غير مقسم عليها.

وأجاز الفراء أن تكون الجملتان مقسما عليهما، وتكون (من) للشرط.

وتقدم ذكر الضمائر في (علموا)، (وشروا)، و (كانوا يعلمون).

لمثوبة من عند الله خير ، ابتداء وخبر و (اللام): لام الابتداء، دخلت على الاسم؛ كقولك: (علمت لزيد خير منك).

ومن قرأ: (مثوبة) جاء بها على أصلها، وهو شاذ، وكان ينبغي أن يعل؛ فيكون: (مثابة).

لا تقولوا راعنا : من قرأ بغير تنوين؛ فهو على ما تقدم، ومن نون؛ [ ص: 334 ] فالمعنى: (لا تقولوا: رعونة)، ونصبه بالقول، أو على المصدر، و (الرعونة): الحمق، وأصله: الاضطراب؛ ولذلك سمي السراب: رعنا).

ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير : من قرأ: (ننسخ) ؛ فمعناه: ما نجده منسوخا، وإنما نجده كذلك بنسخه إياه، و (ننسخ) على ما قدمناه في التفسير.

وتقدم (ننسئها) و (ننسها)، ومن قرأ: (ننسها) ؛ فهو (نفعلها) من النسيان، ومن قرأ: (تنسها) ؛ فالمعنى: (أو تنسها أنت يا محمد)، وكذلك [ ص: 335 ] من بناه للمفعول فقرأ: (تنسها)، والله هو الذي ينسيه إياها.

كما سئل موسى من قبل : من قرأ: (سئل) ؛ جاز أن يكون على لغة من قال: (سلت، تسال)، وجاز أن يكون - على لغة من همز- أبدل الهمزة ياء ساكنة على غير قياس، فانكسرت السين قبلها.

حسدا من عند أنفسهم} : (حسدا): مفعول له؛ أي: ودوا ذلك للحسد، أو مصدر دل ما قبله على الفعل.

وتقدم تعلق (من عند أنفسهم) بما يتعلق به.

ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه : موضع (أن) نصت على تقدير حذف (من)، أو على تقدير: كراهة أن يذكر، أو على البدل من (مساجد).

[ ص: 336 ] وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه حذف الواو وإثباتها سواء لالتباس الجملة الثانية بالأولى.

فإنما يقول له كن فيكون : الرفع من وجهين: الاستئناف، والعطف على (يقول).

والنصب حملا على لفظ (كن) ؛ لأنه جاء بلفظ الأمر، فشبه بالأمر الحقيقي، ولا يصح نصبه على جواب الأمر الحقيقي؛ لأن ذلك إنما يكون فيما هو على فعلين في الحقيقة؛ نحو: (إيتني فأكرمك)، فأما (كن فيكون) ؛ فلو قدر ذلك التقدير؛ لصار: (إن يكن يكن)، وذلك غير مفيد.

فأما الذي في (النحل)، و (يس) ؛ فالنصب فيه ظاهر؛ لأن قبله: (أن يقول له) [يس: 82].

وقوله: (ولا تسأل عن أصحاب الجحيم): الجزم على النهي الحقيقي، على ما قدمناه في التفسير، أو على النهي الذي معناه تفخيم ما أعد لأصحاب الجحيم؛ كقول القائل: (لا تسأل عن فلان) ؛ إخبارا عن المبالغة فيما صار إليه من خير أو شر.

[ ص: 337 ] ومن رفع؛ احتمل أن يكون استئنافا لا موضع له من الإعراب، واحتمل أن يكون حالا، التقدير: (أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا، وغير مسؤول عن أصحاب الجحيم).

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية