التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
والقول في كذلك سلكناه في قلوب المجرمين : حسب ما تقدم في (الحجر ) ; ومعنى التشبيه: كما ختمنا على قلوب هؤلاء أنهم لا يؤمنون;

[ ص: 70 ] كذلك سلكنا التكذيب في قلوب المجرمين.

وقوله: وما تنزلت به الشياطين يعني: بالقرآن.

وقوله: إنهم عن السمع لمعزولون أي: إنهم عن استماع الوحي لممنوعون.

وقوله: وأنذر عشيرتك الأقربين : قال عروة بن الزبير: لما نزلت هذه الآية على النبي (صلى الله عليه وسلم ) ; قال: " يا صفية عمة رسول الله، ويا فاطمة بنت عبد المطلب، ويا بني عبد المطلب; إني لا أملك لكم من الله شيئا، سلوني من مالي ما شئتم ".

وقوله: فإن عصوك أي: فإن عصاك الأقربون; فقل إني بريء مما تعملون

وقوله: الذي يراك حين تقوم أي: حين تقوم إلى الصلاة.

مجاهد: معنى {تقوم} : أين ما كنت.

وقوله: وتقلبك في الساجدين : قال مجاهد، وقتادة: في المصلين.

ابن عباس: يرى تقلبه في الظهور حتى أخرجه نبيا.

عكرمة: يراك قائما، وراكعا، وساجدا.

وقوله: تنزل على كل أفاك أثيم يعني: تنزل الشياطين التي تسترق السمع على الكهنة.

وقوله: يلقون السمع أي: تلقي الشياطين ما سمعته إلى الكهنة، وقيل:

المعنى: تلقي الكهنة ما تسمعه، وأكثرهم كاذبون .

[ ص: 71 ] وقوله: والشعراء يتبعهم الغاوون : قال ابن عباس: هم الكفار يتبعهم ضلال الإنس والجن، ثم استثنى المؤمنين، إلى قوله: وانتصروا من بعد ما ظلموا ; يعني: ردوا على الكفار الذين كانوا يهجون النبي (صلى الله عليه وسلم ) .

وعنه أيضا: أنها نزلت في اثنين تهاجيا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ، أحدهما من الأنصار، فكان مع كل رجل منهما جماعة; وهم الغاوون; أي: السفهاء.

ابن زيد: {الغاوون} و {والشعراء} ههنا: المشركون; لأن الغاوي لا يتبع إلا غاويا مثله.

عكرمة: {الغاوون} : عصاة الجن، وروي نحوه عن مجاهد، وعنه أيضا:

الذين يتبعونهم، ويروون شعرهم، وروي نحوه أيضا عن ابن عباس.

الطبري: {والشعراء} : شعراء المشركين، يتبعهم غواة الناس، ومردة الشياطين، وعصاة الجن.

وقد روى الضحاك عن ابن عباس أنه قال: هو منسوخ بقوله: إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات

[ ص: 72 ] ، والصحيح: ما تقدم عنه أنه استثناء.

وقوله: ألم تر أنهم في كل واد يهيمون أي: في كل واد من قول الباطل.

{يهيمون} أي: يمدحون ويذمون بما ليس في الممدوح والمذموم، فهم كالهائم على وجهه.

أبو عبيدة: (الهائم ) : المخالف للقصد.

وأنهم يقولون ما لا يفعلون أي: يكذبون.

والمراد بقوله: إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيما روي عن ابن عباس: ابن رواحة، وحسان بن ثابت، وكعب بن مالك.

وقوله: وذكروا الله كثيرا : قال ابن عباس: في حال كلامهم ومخاطبتهم الناس.

وقال ابن زيد: في شعرهم.

وقيل: لم يشغلهم الشعر عن ذكر الله عز وجل; إنما هاجوا من كذب رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية