التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
وقوله: ربنا تقبل منا أي: يقولان: ربنا، وكذلك: ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك : [أي: واجعل من ذريتنا أمة مسلمة لك]، ودلت (من) على تخصيص بعض الذرية.

و (الأمة) ههنا: الجماعة، وتكون أيضا: الملة، وتكون: السنين، وتكون: القامة، وأصله كله: القصد.

وأرنا مناسكنا أي: عرفناها، فهو [من رؤية القلب، ويجوز أن يكون] من رؤية البصر، والمراد بـ(المناسك) ههنا: مناسك الحج.

وقيل: هي المذابح، فالمعنى: أرنا كيف نذبح؟

وقيل: هي جميع المتعبدات، وكل ما يتقرب به إلى الله تعالى يقال له:

(منسك) و (منسك) ؛ وهو واحد: (المناسك).

وتب علينا : قيل: قالا ذلك؛ ليكون ذلك الموضع معروفا بالتوبة.

وقيل: معناه: ثب على الظلمة منا.

ربنا وابعث فيهم رسولا منهم : هو محمد صلى الله عليه وسلم.

ويعلمهم الكتاب والحكمة يعني: القرآن الذي يأتي به.

[ ص: 346 ] {والحكمة}: المعرفة بالدين، والفقه في التأويل، عن مالك بن أنس.

{ويزكيهم}: ويطهرهم من الشرك، عن ابن جريج، وغيره.

وقوله: ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه :

(ملة إبراهيم): الإسلام، ومعنى (سفه نفسه) في قول أبي عبيدة: أهلكها.

الأخفش : هي لغة بمعنى: (سفه).

الزجاج : (سفه) بمعنى: جهل؛ أي: جهل أمر نفسه، فلم يفكر فيها، وقيل: المعنى: (سفه في نفسه)، فحذفت (في) ؛ فانتصب.

الفراء : هو تميز.

ولقد اصطفيناه في الدنيا أي: اخترناه، وهو: (افتعلناه) ؛ من (الصفوة).

وإنه في الآخرة لمن الصالحين أي: وإنه لصالح في الآخرة.

وقوله: (لمن الصالحين) تبيين للمحذوف، ولا يتعلق و (في الآخرة) بـ(الصالحين) إن جعلت الألف واللام بمعنى (الذي) ؛ لأن الصلة لا تتقدم على الموصول؛ فهو على التقدير المتقدم، فإن كانت الألف واللام للتعريف؛ جاز تقدمه عليه، وتعلقه به.

إذ قال له ربه أسلم أي: اصطفيناه؛ إذ قال له ربه: أسلم.

[ ص: 347 ] (وأوصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب): الهاء والألف في بها للملة، و (يعقوب) عطف على (إبراهيم) عن ابن عباس وغيره، والمعنى: قال لهم: يا بني.

وقيل: إن (يعقوب) مستأنف، والمعنى: وصى يعقوب أن يا بني.

إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون : [أي: الزموا الإسلام؛ ليصادفكم الموت وأنتم مسلمون).

أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت الآية: (أم): منقطعة، وقد تقدم القول في مثلها، والعامل في (إذ) الأولى: معنى الشهادة، و (إذ) الثانية: بدل من الأولى مؤكدة.

والخطاب لأهل الكتاب الذين ينسبون إلى إبراهيم ما لم يوص به بنيه، ولم يحضروه.

التالي السابق


الخدمات العلمية