التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
وقوله: فنبذناه بالعراء وهو سقيم : قال أبو عبيدة: (العراء): وجه الأرض، وهو في اللغة: الفضاء الذي لا يواريه شجر، ولا غيره.

قال ابن عباس : نبذ بالعراء وهو كالصبي المنفوس.

وأنبتنا عليه شجرة من يقطين : قال ابن مسعود و ابن عباس : قرع.

وقال مجاهد وابن جبير: (اليقطين): كل شجرة لا تقوم على ساق، كـ (الدباء) و (البطيخ) وواحد (اليقطين): يقطينة، واشتقاقها من (قطن بالمكان) إذا أقام به، فهو (يفعيل).

وقوله: وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون : قال ابن عباس : أرسل يونس بعد أن التقمه الحوت، قيل: أرسل إلى الأولين، وقيل: أرسل إلى قوم غيرهم.

قال ابن عباس : معنى أو يزيدون : بل يزيدون، قال: فأرسل إلى مئة ألف [ ص: 456 ] وبضع وثلاثين ألفا.

ابن جبير: يزيدون سبعين ألفا، وفي خبر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يزيدون عشرين ألفا».

ابن قتيبة: {أو} بمعنى الواو، وقيل: هي للإباحة، وقيل: هي للشك، والشك فيه مردود إلى المخاطبين.

المبرد: المعنى: وأرسلناه إلى جماعة، لو رأيتموهم لقلتم: إنهم مئة ألف أو يزيدون.

وتقدم القول في معنى فمتعناهم إلى حين .

ثم احتج الله تعالى بعد هذه الأقاصيص على كفار قريش في قولهم: إن الملائكة بنات الله -عز وجل- فقال: فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين أي: فأتوا بحجتكم.

وقوله: وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا يعني: قولهم: صاهر الله تعالى [ ص: 457 ] الجن، فولدت له الملائكة، قاله قتادة وغيره.

ابن عباس وغيره: هو قولهم: إبليس أخو الرحمن، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

السدي: {الجنة} ههنا: الملائكة، سموا جنا؛ لأنهم خزان الجنان، وقيل: سموا جنا؛ لاستتارهم عن الأبصار.

وقوله: ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون أي: ولقد علمت الجنة إن الذين قالوا هذا لمحضرون في العذاب.

مجاهد : {لمحضرون}: للحساب; يعني: الجن.

وقوله: فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم أي: لستم تضلون إلا من سبق في علم الله أنه صالي الجحيم، روي معناه عن ابن عباس ، والحسن، وغيرهما، وقيل: إن قوله: {عليه} معناه: به.

وقوله: وما منا إلا له مقام معلوم : قالت عائشة -رضي الله عنها-: [قال النبي -صلى الله عليه وسلم-]: «ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم».

وقوله: وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون : هذا كله من قول الملائكة; [ ص: 458 ] تعظيما لله عز وجل، وإنكارا منهم عبادة من عبدهم.

وقوله: وإن كانوا ليقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين : هذا قول أوائل هذه الأمة قبل أن يبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله قتادة وغيره.

والهاء في فكفروا به : قيل: للنبي -صلى الله عليه وسلم- وقيل: للقرآن.

وقوله: إنهم لهم المنصورون : قيل: المعنى: منصورون بالحجة والغلبة، عن قتادة والسدي، وقال الفراء: بالسعادة.

وقوله: فتول عنهم حتى حين وأبصرهم فسوف يبصرون : قال قتادة : فسوف يبصرون حين لا ينفعهم الإبصار، وقيل: المعنى: فسوف يبصرون العذاب يوم القيامة.

وقوله: فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين : معنى {بساحتهم}: بدارهم، عن السدي وغيره، و (الساحة) في اللغة: فناء الدار الواسع، واستعملت لنزول العذاب فيها لعظمه.

وقوله: وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون : وجه التكرير: أنه يراد به [ ص: 459 ] عذابان. فالأول: عذاب الدنيا، والثاني: عذاب الآخرة، روي ذلك عن جماعة من المفسرين: أن (الحين الأول): نصر النبي -صلى الله عليه وسلم- عليهم، والثاني: قيام الساعة، وقد قيل: إن المعنى: أبصر حالهم بقلبك.

وقوله: سبحان ربك رب العزة عما يصفون : سئل محمد بن سحنون عن معنى رب العزة : لم جاز ذلك، و (العزة) من صفات الذات؟ ولا يقال: (رب القدرة) ونحوها من صفات ذاته عز وجل؟

فقال: {العزة} تكون صفة ذات، وصفة فعل، فصفة الذات نحو قوله: فلله العزة جميعا [فاطر: 10] وصفة الفعل نحو رب العزة والمعنى: رب العزة التي يتعاز بها الخلق فيما بينهم، فهي من خلق الله عز وجل، قال: وقد جاء في التفسير: إن {العزة} ههنا يراد بها: الملائكة، قال: وقال بعض [ ص: 460 ] علمائنا: من حلف بعزة الله; فإن أراد عزته التي هي صفته فحنث; فعليه الكفارة، وإن أراد التي جعلها الله بين العباد فلا كفارة عليه.

وقوله: وسلام على المرسلين أي: أمن من الله -عز وجل- لهم يوم الفزع الأكبر.

التالي السابق


الخدمات العلمية