التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
وقوله : لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق الآية : رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه كأنه دخل مكة هو وأصحابه على ما وصفه الله عز وجل .

وروي : أن الرؤيا كانت بالحديبية .

وقوله : إن شاء الله : قيل : إنه حكاية ما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم في منامه ، خوطب في منامه بما جرت به العادة .

[ ص: 175 ] وقيل : خاطب الله تعالى العباد بما يجب أن يقولوه ؛ كما قال : ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله [الكهف : 23 ، 24 ] وقيل : استثنى ؛ لأن منهم من مات قبل دخول مكة .

وقيل : إن الاستثناء من {ءامنين} ، وذلك راجع إلى مخاطبة العباد على ما جرت به العادة .

وقيل : معنى : إن شاء الله : إن أمركم الله بالدخول .

وقيل : إن {إن} بمعنى : (إذ ) .

والتحليق والتقصير جميعا للرجال ؛ ولذلك غلب المذكر على المؤنث ، والحلق أفضل ، وليس للنساء إلا التقصير .

وقوله : فعلم ما لم تعلموا أي : علم أن بمكة مسلمين .

فجعل من دون ذلك فتحا قريبا أي : من دون رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم فتح خيبر ، وقيل : فتح مكة .

وقوله : محمد رسول الله الآية : الإخبار بالشدة والرحمة وما بعده : يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم داخلا فيه مع أصحابه ، فيكون رسول الله نعتا لـ {محمد} ، والذين معه عطفا عليه ، و {أشداء} وما بعده خبرا عن الجميع ، فلا يوقف [ ص: 176 ] على هذا التقدير على قوله : رسول الله .

ويجوز أن يكون الإخبار بالشدة والرحمة وما بعد ذلك عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يدخل معهم فيه ؛ لأن صفاته صلى الله عليه وسلم تزيد على ما وصف به أصحابه ، فيكون {محمد} ابتداء ، و رسول الله : الخبر ، ويوقف عليه ، والذين معه : ابتداء ثان ، و {أشداء} : خبره ، و {رحماء} : خبر ثان .

وكون الصفات في جملة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هو الأشبه ، وقد روي عن ابن عباس في ذلك شيء ذكرته في «الكبير » .

ومن قرأ : {أشداء} ، و {رحماء} ؛ بالنصب ؛ جاز أن يكون النصب على الحال ؛ كأنه قال : والذين معه في حال شدتهم على الكفار وتراحمهم بينهم تراهم ركعا سجدا ، ويجوز أن يكون النصب على المدح .

وقوله : سيماهم في وجوههم من أثر السجود : قال ابن جبير : يعني : أثر الطهور وثرى الأرض .

مجاهد : هو الخشوع والتواضع .

[ ص: 177 ] الحسن : هو بياض يكون في الوجه يوم القيامة .

مالك بن أنس : هو ما يتعلق بالجبهة من تراب الأرض .

شمر بن عطية : هو صفرة الوجه من قيام الليل .

ابن عباس ، ومجاهد : (السيما ) في الدنيا : هو السمت الحسن .

ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل : قال ابن عباس وغيره : هما مثلان ؛ أحدهما في التوراة ، والآخر في الإنجيل ، فيوقف على هذا على {التوراة} .

وقال مجاهد : هو مثل واحد ؛ يعني : أن هذه صفتهم في التوراة وفي الإنجيل ، فلا يوقف على {التوراة} على هذا ، ويوقف على {الإنجيل} ، ويبتدأ : كزرع أخرج شطأه أي : فراخه ، {فآزره} أي : قواه ، وأعانه ، [ ص: 178 ] وشده ، عن مجاهد وغيره .

الضحاك : هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، كانوا قليلا فكثروا ، وضعفاء فقووا .

ومعنى {فاستغلظ} : غلظ .

و (السوق ) : جمع (ساق ) ؛ والمعنى : فقوى الشطء الزرع ، فاستوى الزرع على سوقه .

وقيل : المعنى : تلاحق الفراخ بالأصول ، وكذلك تلاحق بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ببعض في الإيمان .

ابن عباس : هذا مثل للنبي صلى الله عليه وسلم ، بعثه الله تعالى وحده ، ثم قواه بأصحابه ؛ كما نبت أصل الزرع وحده ، ثم قواه شطؤه .

يعجب الزراع أي : يعجب هذا الزرع زراعه .

وقوله : ليغيظ بهم الكفار : اللام متعلقة بمحذوف ؛ أي : فعل الله هذا بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ؛ ليغيظ بهم الكفار .

وقوله : وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم أي : إن ثبتوا على الإيمان .

[ ص: 179 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية