التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
وقوله: إن الذين يكتمون ما أنـزل الله من الكتاب الآية؛ يعني بذلك: أهل الكتاب، عن ابن عباس، وغيره.

و (الهاء) في (به) تعود على الكتمان.

ومعنى ما يأكلون في بطونهم إلا النار : سمى ما أكلوه من الرشا نارا؛ لأنه يؤديهم إلى النار، هكذا قال أكثر المفسرين.

وقيل: المعنى: أنهم يأكلون النار في جهنم، وذكر البطون تأكيدا؛ إذ قد يخبر بالأكل مجازا.

ولا يكلمهم الله : لا يسمعهم كلامه كما يسمعه الأبرار.

وقيل: لا يكلمهم بما يحبون، ولكن بما يكرهون، كما قال تعالى: اخسئوا فيها ولا تكلمون [المؤمنون: 108].

وقيل: هو عبارة عن الغضب.

وقيل: لا يرسل إليهم الملائكة بالتحية.

[ ص: 396 ] ولا يزكيهم : لا يتقبل عملهم تقبل أعمال الأزكياء، ولا يثني عليهم بأنهم أزكياء.

فما أصبرهم على النار : قال الحسن وقتادة : أي: ما أجرأهم على النار ؟! وهي لغة تميمية معروفة.

مجاهد : ما أعملهم بعمل أهل النار؟!

وحكى الزجاج : أن المعنى: ما أبقاهم على النار؟! كقولك: (ما أصبره على الحبس) ؟!.

الفراء : ما أحبسهم على النار؟ !.

ومذهب ابن عباس، وابن جريج، وغيرهما: أن (ما) استفهام بمعنى التوبيخ.

ومذهب الحسن، ومجاهد، وغيرهما: أنها للتعجب، وهو مردود إلى المخلوقين، كأنه قال: اعجبوا من صبرهم على النار.

وكل ما أخبر به عن الباري جل وعز من العجب والضحك وما أشبه ذلك؛ [فإنما يحمل على ما يليق به من أن العجب وأشباهه مردود إلى المخلوقين وإن أخبر به عن نفسه تعالى، أو دليل على ظهور رحمته أو نقمته، والضحك دليل [ ص: 397 ] على رضاه ومغفرته، وما أشبه ذلك] مما يجوز أن يوصف به، لا على حد ما يوصف به المخلوقون.

ذلك بأن الله نـزل الكتاب بالحق : قوله: (ذلك) إشارة إلى الحكم، [كأنه قال: ذلكم الحكم] بالنار.

وقيل: ذلك العذاب لهم.

وقال الزجاج : تقديره: الأمر ذلك.

[وقيل: التقدير: ذلك معلوم بأن الله نزل الكتاب].

وقيل: التقدير: فعلنا ذلك بهم؛ لأن الله تعالى نزل الكتاب بالحق فكفروا به.

وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد يعني: اختلاف اليهود والنصارى في التوراة والإنجيل، عن ابن عباس، وغيره.

وقيل: يعني: اختلاف مشركي قريش في القرآن؛ فقال بعضهم: سحر، وقال بعضهم: أساطير الأولين، وشبهه.

التالي السابق


الخدمات العلمية