السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2217 [ ص: 379 ] باب منه

وهو في النووي في: (الباب السابق).

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 10 - 11 ج9 المطبعة المصرية

[عن أبي الطفيل. قال: قلت لابن عباس: أرأيت هذا الرمل بالبيت: ثلاثة أطواف، ومشي أربعة أطواف. أسنة هو؟ فإن قومك يزعمون: أنه سنة. قال: فقال: صدقوا. وكذبوا. قال: قلت: ما قولك: صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مكة، فقال المشركون: إن محمدا وأصحابه، لا يستطيعون أن يطوفوا بالبيت، من (الهزل). وكانوا يحسدونه. قال: فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن يرملوا ثلاثا، ويمشوا أربعا. قال: قلت له: أخبرني عن الطواف (بين الصفا والمروة) راكبا. أسنة هو؟ فإن قومك يزعمون: أنه سنة. قال: صدقوا. وكذبوا. قال: قلت: وما قولك: صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كثر عليه الناس، يقولون: هذا محمد. هذا محمد . حتى خرج (العواتق) من البيوت. قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يضرب الناس بين يديه. فلما كثر عليه، ركب. والمشي والسعي أفضل ].


[ ص: 380 ] (الشرح)

(عن أبي الطفيل . قال: قلت لابن عباس ) رضي الله عنهما: (أرأيت هذا الرمل بالبيت : ثلاثة أطواف، ومشي أربعة أطواف. أين هو؟ فإن قومك يزعمون: أنه سنة. قال: فقال: صدقوا.) يعني: في أن النبي -صلى الله عليه وسلم - فعله.

(وكذبوا) . يعني: في قولهما: إنه (سنة) ، مقصودة متأكدة. لأن النبي -صلى الله عليه وسلم -، لم يجعله: سنة مطلوبة دائما، على تكرر السنين. (قال: قلت: ما قولك: صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، قدم مكة ، فقال المشركون: إن محمدا وأصحابه، لا يستطيعون أن يطوفوا بالبيت ، من الهزل) .

هكذا هو، في معظم النسخ: (الهزل) ، بضم الهاء وإسكان الزاي. وهكذا حكاه عياض في: (المشارق) ، وصاحب المطالع: عن رواية بعضهم.

قالا: وهو (وهم). والصواب: (الهزال) ، بضم الهاء. وزيادة الألف.

قال النووي : قلت: وللأول وجه. وهو: أن يكون بفتح الهاء. لأن (الهزل) بالفتح، مصدر: (هزلته هزلا) ، كضربته ضربا. وتقديره: لا يستطيعون يطوفون، لأن الله تعالى هزلهم. والله أعلم.

[ ص: 381 ] (وكانوا يحسدونه. قال: فأمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: أن يرملوا ثلاثا، ومشوا أربعا) .

يعني: إنما أمر به في تلك السنة، لإظهار القوة، عند الكفار. وقد زال ذلك المعنى. هذا معنى كلام ( ابن عباس ).

قال النووي : وهذا الذي قاله، هو مذهبه.

وخالفه جميع العلماء: من الصحابة، والتابعين، وأتباعهم، ومن بعدهم، فقالوا: هو (سنة) في (الطوفات الثلاث) من السبع. فإن تركه، فقد ترك (سنة) ، وفاتته فضيلة. ويصح طوافه، ولا دم عليه.

وقال ابن الزبير : يسن في: (الطوفات السبع).

وقال الحسن البصري ، والثوري ، وعبد الملك بن الماجشون المالكي : إذا ترك الرمل: لزمه دم. وكان مالك يقول به، ثم رجع عنه.

قال: ودليل الجمهور: أن النبي -صلى الله عليه وسلم -، رمل (في حجة الوداع): في الطوفات الثلاث الأول. ومشى في الأربع . ثم قال بعد ذلك: "لتأخذوا مناسككم عني" انتهى.

وأقول: مشروعية الرمل (في الطواف الأول): هو الذي عليه الجمهور. وقالوا: هو سنة. كما تقدم.

[ ص: 382 ] وقال ابن عباس : ليس هو بسنة. يعني: من شاء رمل، ومن شاء لم يرمل. ولكن الحق، الذي لا محيص عنه: أن فعله -صلى الله عليه وسلم -: بيان المجمل في الكتاب والسنة. وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم -: فعل الرمل هذا، في حجة الوداع. فينبغي: أن يكون واجبا. وله ما له. وعليه ما عليه.

(قال: قلت له: أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبا . أسنة هو؟ فإن قومك يزعمون: أنه سنة. قال: صدقوا) في أنه: طاف راكبا.

(وكذبوا) في: أن الركوب أفضل. بل المشي أفضل.

(قال: قلت: وما قولك: صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، كثر عليه الناس، يقولون: هذا محمد . هذا محمد . حتى خرج العواتق) .

جمع: (عاتق). وهي (البكر) البالغة. أو المقاربة للبلوغ.

وقيل: التي تتزوج. سميت بذلك، لأنها: عتقت من استخدام أبويها، وابتذالها في الخروج والتصرف، الذي تفعله الطفلة الصغيرة.

(من البيوت) ، لرؤيته، -صلى الله عليه وسلم -.

(قال: وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، لا يضرب الناس بين يديه. فلما كثر عليه، ركب. والمشي والسعي أفضل) .

فيه: بيان العلة، التي لأجلها: طاف راكبا. وهذا يدل على جوازه بينهما: للراكب لعذر.

[ ص: 383 ] قال ابن رسلان ، (في شرح السنن): هذا الذي قاله ابن عباس ، مجمع عليه. انتهى.

يعني: نفي كون الطواف (بصفة الركوب): سنة. بل الطواف (من الماشي) أفضل.

التالي السابق


الخدمات العلمية