الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2217 [ ص: 379 ] باب منه

                                                                                                                              وهو في النووي في: (الباب السابق).

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 10 - 11 ج9 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي الطفيل. قال: قلت لابن عباس: أرأيت هذا الرمل بالبيت: ثلاثة أطواف، ومشي أربعة أطواف. أسنة هو؟ فإن قومك يزعمون: أنه سنة. قال: فقال: صدقوا. وكذبوا. قال: قلت: ما قولك: صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مكة، فقال المشركون: إن محمدا وأصحابه، لا يستطيعون أن يطوفوا بالبيت، من (الهزل). وكانوا يحسدونه. قال: فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن يرملوا ثلاثا، ويمشوا أربعا. قال: قلت له: أخبرني عن الطواف (بين الصفا والمروة) راكبا. أسنة هو؟ فإن قومك يزعمون: أنه سنة. قال: صدقوا. وكذبوا. قال: قلت: وما قولك: صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كثر عليه الناس، يقولون: هذا محمد. هذا محمد . حتى خرج (العواتق) من البيوت. قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يضرب الناس بين يديه. فلما كثر عليه، ركب. والمشي والسعي أفضل ].

                                                                                                                              [ ص: 380 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 380 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي الطفيل . قال: قلت لابن عباس ) رضي الله عنهما: (أرأيت هذا الرمل بالبيت : ثلاثة أطواف، ومشي أربعة أطواف. أين هو؟ فإن قومك يزعمون: أنه سنة. قال: فقال: صدقوا.) يعني: في أن النبي -صلى الله عليه وسلم - فعله.

                                                                                                                              (وكذبوا) . يعني: في قولهما: إنه (سنة) ، مقصودة متأكدة. لأن النبي -صلى الله عليه وسلم -، لم يجعله: سنة مطلوبة دائما، على تكرر السنين. (قال: قلت: ما قولك: صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، قدم مكة ، فقال المشركون: إن محمدا وأصحابه، لا يستطيعون أن يطوفوا بالبيت ، من الهزل) .

                                                                                                                              هكذا هو، في معظم النسخ: (الهزل) ، بضم الهاء وإسكان الزاي. وهكذا حكاه عياض في: (المشارق) ، وصاحب المطالع: عن رواية بعضهم.

                                                                                                                              قالا: وهو (وهم). والصواب: (الهزال) ، بضم الهاء. وزيادة الألف.

                                                                                                                              قال النووي : قلت: وللأول وجه. وهو: أن يكون بفتح الهاء. لأن (الهزل) بالفتح، مصدر: (هزلته هزلا) ، كضربته ضربا. وتقديره: لا يستطيعون يطوفون، لأن الله تعالى هزلهم. والله أعلم.

                                                                                                                              [ ص: 381 ] (وكانوا يحسدونه. قال: فأمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: أن يرملوا ثلاثا، ومشوا أربعا) .

                                                                                                                              يعني: إنما أمر به في تلك السنة، لإظهار القوة، عند الكفار. وقد زال ذلك المعنى. هذا معنى كلام ( ابن عباس ).

                                                                                                                              قال النووي : وهذا الذي قاله، هو مذهبه.

                                                                                                                              وخالفه جميع العلماء: من الصحابة، والتابعين، وأتباعهم، ومن بعدهم، فقالوا: هو (سنة) في (الطوفات الثلاث) من السبع. فإن تركه، فقد ترك (سنة) ، وفاتته فضيلة. ويصح طوافه، ولا دم عليه.

                                                                                                                              وقال ابن الزبير : يسن في: (الطوفات السبع).

                                                                                                                              وقال الحسن البصري ، والثوري ، وعبد الملك بن الماجشون المالكي : إذا ترك الرمل: لزمه دم. وكان مالك يقول به، ثم رجع عنه.

                                                                                                                              قال: ودليل الجمهور: أن النبي -صلى الله عليه وسلم -، رمل (في حجة الوداع): في الطوفات الثلاث الأول. ومشى في الأربع . ثم قال بعد ذلك: "لتأخذوا مناسككم عني" انتهى.

                                                                                                                              وأقول: مشروعية الرمل (في الطواف الأول): هو الذي عليه الجمهور. وقالوا: هو سنة. كما تقدم.

                                                                                                                              [ ص: 382 ] وقال ابن عباس : ليس هو بسنة. يعني: من شاء رمل، ومن شاء لم يرمل. ولكن الحق، الذي لا محيص عنه: أن فعله -صلى الله عليه وسلم -: بيان المجمل في الكتاب والسنة. وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم -: فعل الرمل هذا، في حجة الوداع. فينبغي: أن يكون واجبا. وله ما له. وعليه ما عليه.

                                                                                                                              (قال: قلت له: أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبا . أسنة هو؟ فإن قومك يزعمون: أنه سنة. قال: صدقوا) في أنه: طاف راكبا.

                                                                                                                              (وكذبوا) في: أن الركوب أفضل. بل المشي أفضل.

                                                                                                                              (قال: قلت: وما قولك: صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، كثر عليه الناس، يقولون: هذا محمد . هذا محمد . حتى خرج العواتق) .

                                                                                                                              جمع: (عاتق). وهي (البكر) البالغة. أو المقاربة للبلوغ.

                                                                                                                              وقيل: التي تتزوج. سميت بذلك، لأنها: عتقت من استخدام أبويها، وابتذالها في الخروج والتصرف، الذي تفعله الطفلة الصغيرة.

                                                                                                                              (من البيوت) ، لرؤيته، -صلى الله عليه وسلم -.

                                                                                                                              (قال: وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، لا يضرب الناس بين يديه. فلما كثر عليه، ركب. والمشي والسعي أفضل) .

                                                                                                                              فيه: بيان العلة، التي لأجلها: طاف راكبا. وهذا يدل على جوازه بينهما: للراكب لعذر.

                                                                                                                              [ ص: 383 ] قال ابن رسلان ، (في شرح السنن): هذا الذي قاله ابن عباس ، مجمع عليه. انتهى.

                                                                                                                              يعني: نفي كون الطواف (بصفة الركوب): سنة. بل الطواف (من الماشي) أفضل.




                                                                                                                              الخدمات العلمية