السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2982 [ ص: 573 ] كتاب البيوع

قال الأزهري : تقول العرب : " بعت" بمعنى : بعت ما كنت ملكته. و"بعت " بمعنى : اشتريته . قال : وكذلك " شريت " بالمعنيين . قال : وكل واحد : بيع وبائع . لأن الثمن والمثمن ، كل منهما : " مبيع " . وكذا قال ابن قتيبة ، وآخرون من أهل اللغة .

ويقال : بعته ، وابتعته ، " فهو مبيع ومبيوع ".

والابتياع : الاشتراء .

وتبايعا ، وبايعته ، (ويقال : استبعته) : أي : سألته البيع . وأبعت الشيء : عرضته للبيع .

" وبيع " الشيء . بكسر الباء . وضمها ، و"بوع " لغة فيه .

[ ص: 574 ] باب بيع الطعام بالطعام مثلا بمثل

وأورده النووي في : (باب الربا) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم النووي ص 20 ج11 المطبعة المصرية

[عن معمر بن عبد الله، أنه أرسل غلامه، بصاع قمح. فقال: بعه، ثم اشتر به شعيرا. فذهب الغلام، فأخذ صاعا وزيادة بعض صاع. فلما جاء معمرا، أخبره بذلك. فقال له معمر: لم فعلت ذلك؟ انطلق فرده ولا تأخذن إلا مثلا بمثل. فإني كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الطعام بالطعام: مثلا بمثل". قال: وكان طعامنا "يومئذ": الشعير. قيل له: فإنه ليس بمثله. قال: إني أخاف أن يضارع].
(الشرح)

(عن معمر بن عبد الله ، أنه أرسل غلامه بصاع قمح ، فقال :

بعه ، ثم اشتر به شعيرا . فذهب الغلام ، فأخذ صاعا وزيادة بعض صاع . فلما جاء معمرا ، أخبره بذلك . فقال له معمر : لم فعلت ذلك ؟ انطلق ، فرده . ولا تأخذن إلا مثلا بمثل . فإني كنت أسمع رسول الله [ ص: 575 ] صلى الله عليه وآله وسلم يقول : " الطعام بالطعام : مثلا بمثل ".) .احتج مالك بهذا الحديث ، في كون الحنطة والشعير ، صنفا واحدا ، لا يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا . وبه قال معظم علماء المدينة . وهو محكي عن عمر وسعد ، وغيرهما من السلف ، تمسكا بهذا الحديث .

ويجاب عنه : ما في آخر هذا الحديث ، من قوله : (قال : وكان طعامنا "يومئذ " : الشعير) . فإنه في حكم التقييد لهذا المطلق .

ومذهب الشافعية والجمهور : أنهما صنفان ، يجوز التفاضل بينهما ، كالحنطة مع الأرز . ودليلهم : قوله صلى الله عليه وآله وسلم ، في حديث آخر : "فإذا اختلفت هذه الأجناس ، فبيعوا كيف شئتم" . مع ما في حديث عبادة بن الصامت يرفعه : " لا بأس ببيع البر بالشعير " رواه أبو داود ، والنسائي .

وفي هذا تصريح ، بجواز بيع أحدهما بالآخر ، متفاضلا . وكذلك عطف أحدهما على الآخر . كما في غيره من أحاديث الباب ، مما لا يبقى معه ارتياب في أنهما جنسان .

قال النووي : وأما حديث معمر هذا ، فلا حجة فيه . لأنه لم يصرح بأنهما جنس واحد . وإنما خاف من ذلك ، فتورع عنه احتياطا . انتهى

[ ص: 576 ] ويدل عليه : قوله : (قيل له : فإنه ليس بمثله . قال : إني أخاف أن يضارع) . أي : يشابه ويشارك .

ومعناه : أخاف أن يكون في معنى المماثل . فيكون له حكمه في تحريم الربا . والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية