السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2828 [ ص: 595 ] باب النهي عن بيع الثمر، حتى يبدو صلاحه

وهو في النووي في : (الباب المتقدم) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم النووي ص 178 - 179 ج 10 المطبعة المصرية

[عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نهى عن بيع النخل، حتى يزهو. وعن السنبل، حتى يبيض ويأمن العاهة. )

نهى البائع والمشتري.].


(الشرح)

(عن ابن عمر "رضي الله عنهما"، : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : نهى عن بيع النخل حتى يزهو) بفتح الياء ، كما ضبط . وهو صحيح .

قال ابن الأعرابي : يقال " زها النخل يزهو " : إذا ظهرت ثمرته ، "وأزهى يزهي " : إذا احمر ، أو اصفر .

وقال الأصمعي : لا يقال في النخل : " أزهى " . إنما يقال : "زها " . وحكاهما أبو زيد ، لغتين .

وقال الخليل : أزهى النخل : بدا صلاحه

. وقال الخطابي : هكذا يروى : "حتى يزهو " . والصواب في العربية: [ ص: 596 ] "حتى يزهي ". و" الإزهاء " في الثمر : أن يحمر أو يصفر . وذلك علامة الصلاح فيها . ودليل خلاصها من الآفة.

قال ابن الأثير : منهم من أنكر " يزهي " ، كما أن منهم من أنكر "يزهو ".وقال الجوهري : "الزهو" بفتح الزاي . وأهل الحجاز يقولون : بضمها . وهو البسر الملون . يقال : إذا ظهرت الحمرة أو الصفرة في النخل : فقد ظهر فيه الزهو . وقد زها النخل زهوا . وأزهى لغة .

فهذه أقوال أهل العلم فيه . ويحصل من مجموعها : جواز ذلك كله . فالزيادة من الثقة مقبولة . ومن نقل شيئا لم يعرفه غيره ، قبلناه إذا كان ثقة .

(وعن السنبل) ، بضم السين وسكون النون وضم الباء : سنابل الزرع، (حتى يبيض) .

قال النووي : معناه : يشتد حبه . وهو بدو صلاحه .

(ويأمن العاهة) . هي : الآفة تصيب الزرع ، أو الثمرة ، ونحوها ، فتفسدها . لأنه إذا أصيب بها : كان أخذ ثمنه ، من أكل أموال الناس بالباطل .

(نهى البائع والمشتري) .

أما البائع ، فلئلا يأكل مال أخيه بالباطل .

وأما المشتري ، فلئلا يضيع ماله ويساعد البائع على الباطل .

ولا يخفى : أن ظاهر أحاديث الباب وغيرها : المنع من بيع الثمر [ ص: 597 ] قبل الصلاح، وأن وقوعه في تلك الحالة : باطل. كما هو مقتضى النهي .

ومن ادعى أن مجرد شرط القطع يصحح البيع : فهو محتاج إلى دليل ، يصلح لتقييد أحاديث النهي .

ودعوى الإجماع على ذلك : لا صحة لها ، لما أن جمعا من أهل العلم ; قالوا بالبطلان مطلقا .

وقد عول المجوزون مع شرط القطع ، في الجواز : على علل مستنبطة ، جعلوها مقيدة للنهي ، وذلك مما لا يفيد : من لم يسمح بمفارقة النصوص لمجرد خيالات عارضة ، وشبهة واهية . تنهار بأيسر تشكيك .

فالحق : عدم الجواز مطلقا . وظاهر النصوص أيضا : أن البيع بعد ظهور الصلاح : صحيح ، سواء شرط البقاء أم لم يشترط . لأن الشارع قد جعل النهي ، ممتدا إلى غاية بدو الصلاح. وما بعد الغاية : مخالف لما قبلها .

ومن ادعى أن شرط البقاء مفسد : فعليه الدليل .

التالي السابق


الخدمات العلمية