السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3244 باب خير الشهداء

وقال النووي : ( باب بيان خير الشهود ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 17 ج12 المطبعة المصرية

[ عن زيد بن خالد الجهني ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته، قبل أن يسألها ".]
(الشرح)

(عن زيد بن خالد الجهني ، أن النبي صلى الله عليه ) وآله (وسلم قال : ألا أخبركم بخير الشهداء ؟ ) جمع : " شهيد ". كظرفاء ، جمع : " ظريف ". ويجمع أيضا على : " شهود ".

[ ص: 422 ] والمراد بخيرهم : أكملهم في رتبة الشهادة ، وأكثرهم ثوابا عند الله. (الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها ) .

وفي رواية : " قبل أن يستشهد ".

وهذه هي شهادة الحسبة. فشاهدها خير الشهداء ، لأنه لو لم يظهرها لضاع حكم من أحكام الدين ، وقاعدة من قواعد الشرع المبين.

وقيل : إن ذلك في الأمانة والوديعة ليتيم ، لا يعلم مكانها غيره. فيخبر بما يعلم من ذلك.

قال النووي : في المراد بهذا الحديث تأويلان ؛ أصحهما ، وأشهرهما : تأويل مالك ، وأصحاب الشافعي : أنه محمول على من عنده شهادة لإنسان بحق ، ولا يعلم ذلك الإنسان أنه شاهد ، فيأتي إليه فيخبره بأنه شاهد له.

والثاني : أنه محمول على شهادة الحسبة. وذلك في غير حقوق الآدميين المختصة بهم. فمما تقبل فيه شهادة الحسبة : الطلاق ، والعتاق ، والوقف ، والوصايا العامة ، والحدود ، ونحو ذلك.

فمن علم شيئا من هذا النوع : وجب عليه رفعه إلى القاضي ، وإعلامه به ، والشهادة. قال تعالى : وأقيموا الشهادة لله .

[ ص: 423 ] وكذا في النوع الأول ، يلزم من عنده شهادة لإنسان لا يعلمها : أن يعلمه إياها ، لأنها أمانة له عنده.

وحكي تأويل ثالث : أنه محمول على المجاز ، والمبالغة في أداء الشهادة. بعد طلبها ، لا قبله. كما يقال : الجواد يعطي قبل السؤال. أي : سريعا من غير توقف.

قال أهل العلم : وليس في هذا الحديث مناقضة للحديث الآخر ، في ذم من يأتي بالشهادة قبل أن يستشهد. في قوله صلى الله عليه وآله وسلم : " يشهدون ولا يستشهدون ". وقد تأول العلماء هذا تأويلات ؛

أصحها : تأويل الشافعية ، أنه محمول على من معه شهادة لآدمي عالم بها ، فيأتي فيشهد بها قبل أن تطلب منه.

والثاني : أنه محمول على شاهد الزور ، فيشهد بما لا أصل له ، ولم يستشهد.

والثالث : أنه محمول على من ينتصب شاهدا ، وليس هو من أهل الشهادة.

والرابع : أنه محمول على من يشهد لقوم بالجنة ، أو بالنار ، من غير توقف. وهذا ضعيف.

التالي السابق


الخدمات العلمية