الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3244 باب خير الشهداء

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب بيان خير الشهود ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 17 ج12 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [ عن زيد بن خالد الجهني ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته، قبل أن يسألها ".]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن زيد بن خالد الجهني ، أن النبي صلى الله عليه ) وآله (وسلم قال : ألا أخبركم بخير الشهداء ؟ ) جمع : " شهيد ". كظرفاء ، جمع : " ظريف ". ويجمع أيضا على : " شهود ".

                                                                                                                              [ ص: 422 ] والمراد بخيرهم : أكملهم في رتبة الشهادة ، وأكثرهم ثوابا عند الله. (الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها ) .

                                                                                                                              وفي رواية : " قبل أن يستشهد ".

                                                                                                                              وهذه هي شهادة الحسبة. فشاهدها خير الشهداء ، لأنه لو لم يظهرها لضاع حكم من أحكام الدين ، وقاعدة من قواعد الشرع المبين.

                                                                                                                              وقيل : إن ذلك في الأمانة والوديعة ليتيم ، لا يعلم مكانها غيره. فيخبر بما يعلم من ذلك.

                                                                                                                              قال النووي : في المراد بهذا الحديث تأويلان ؛ أصحهما ، وأشهرهما : تأويل مالك ، وأصحاب الشافعي : أنه محمول على من عنده شهادة لإنسان بحق ، ولا يعلم ذلك الإنسان أنه شاهد ، فيأتي إليه فيخبره بأنه شاهد له.

                                                                                                                              والثاني : أنه محمول على شهادة الحسبة. وذلك في غير حقوق الآدميين المختصة بهم. فمما تقبل فيه شهادة الحسبة : الطلاق ، والعتاق ، والوقف ، والوصايا العامة ، والحدود ، ونحو ذلك.

                                                                                                                              فمن علم شيئا من هذا النوع : وجب عليه رفعه إلى القاضي ، وإعلامه به ، والشهادة. قال تعالى : وأقيموا الشهادة لله .

                                                                                                                              [ ص: 423 ] وكذا في النوع الأول ، يلزم من عنده شهادة لإنسان لا يعلمها : أن يعلمه إياها ، لأنها أمانة له عنده.

                                                                                                                              وحكي تأويل ثالث : أنه محمول على المجاز ، والمبالغة في أداء الشهادة. بعد طلبها ، لا قبله. كما يقال : الجواد يعطي قبل السؤال. أي : سريعا من غير توقف.

                                                                                                                              قال أهل العلم : وليس في هذا الحديث مناقضة للحديث الآخر ، في ذم من يأتي بالشهادة قبل أن يستشهد. في قوله صلى الله عليه وآله وسلم : " يشهدون ولا يستشهدون ". وقد تأول العلماء هذا تأويلات ؛

                                                                                                                              أصحها : تأويل الشافعية ، أنه محمول على من معه شهادة لآدمي عالم بها ، فيأتي فيشهد بها قبل أن تطلب منه.

                                                                                                                              والثاني : أنه محمول على شاهد الزور ، فيشهد بما لا أصل له ، ولم يستشهد.

                                                                                                                              والثالث : أنه محمول على من ينتصب شاهدا ، وليس هو من أهل الشهادة.

                                                                                                                              والرابع : أنه محمول على من يشهد لقوم بالجنة ، أو بالنار ، من غير توقف. وهذا ضعيف.




                                                                                                                              الخدمات العلمية