السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3259 باب الأمر بجمع الأزواد إذا قلت والمواساة فيها

وقال النووي : ( باب استحباب خلط الأزواد إذا قلت. إلخ ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 33 - 34 ج 12 المطبعة المصرية

[ عن إياس بن سلمة عن أبيه ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فأصابنا جهد، حتى هممنا أن ننحر بعض ظهرنا. فأمر نبي الله صلى الله عليه وسلم: فجمعنا مزاودنا، فبسطنا له نطعا، فاجتمع زاد القوم على النطع. قال: فتطاولت لأحزره ، كم هو؟ فحزرته: كربضة العنز، ونحن أربع عشرة مائة، قال: فأكلنا حتى شبعنا جميعا، ثم حشونا جربنا، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : "فهل من وضوء؟ " قال: فجاء رجل بإداوة له، فيها نطفة، فأفرغها في قدح، فتوضأنا كلنا، ندغفقه دغفقة أربع عشرة مائة.

قال: ثم جاء بعد ذلك ثمانية، فقالوا: هل من طهور؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فرغ الوضوء
".]
[ ص: 444 ] (الشرح)

(عن إياس بن سلمة عن أبيه ) رضي الله عنه : (قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم في غزوة ، فأصابنا جهد ) بفتح الجيم ، وهو المشقة (حتى هممنا أن ننحر بعض ظهرنا. فأمر نبي الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم : فجمعنا مزاودنا ) هكذا هو في بعض النسخ ، أو أكثرها. وفي بعضها : " أزوادنا ". وفي بعضها : "تزوادنا " بفتح التاء وكسرها.

(فبسطنا له نطعا ) . في " النطع " لغات ، أفصحهن : كسر النون وفتح الطاء.

(فاجتمع زاد القوم على النطع. قال : فتطاولت لأحزره كم هو ؟ فحزرته : كربضة العنز ) أي : كمبركها. أو كقدرها وهي رابضة. قال عياض : الرواية فيه : بفتح الراء. وحكاه ابن دريد بكسرها.

ونحن أربع عشرة مائة. قال : فأكلنا حتى شبعنا جميعا ، ثم حشونا جربنا ) بضم الراء وإسكانها : جمع " جراب ، بكسر الجيم على المشهور. ويقال بفتحها.

فقال نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم : هل من وضوء ؟ ) أي : ما يتوضأ به. وهو بفتح الواو ) على المشهور. وحكي ضمها.

[ ص: 445 ] (قال : فجاء رجل بإداوة له فيها نطفة ) بضم النون. أي : قليل من الماء. (فأفرغها في قدح ، فتوضأنا كلنا ، ندغفقه دغفقة ) . أي : نصبه صبا شديدا (أربع عشرة مائة. قال : ثم جاء بعد ذلك ثمانية ، فقالوا : هل من طهور ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم : فرغ الوضوء ) .

في هذا الحديث : معجزتان ظاهرتان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهما : تكثير الطعام ، وتكثير الماء : هذه الكثرة الظاهرة.

قال المازري في تحقيق المعجزة في هذا : إنه كلما أكل منه جزء ، أو شرب جزء : خلق الله تعالى جزءا آخر يخلفه.

قال : ومعجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضربان ؛

أحدهما : القرآن. وهو منقول تواترا .

والثاني مثل تكثير الطعام والشراب ، ونحو ذلك.

قال النووي : وفي هذا الحديث : استحباب المواساة في الزاد ، وجمعه عند قلته. وجواز أكل بعضهم مع بعض ، في هذه الحالة. وليس [ ص: 446 ] هذا من " الربا " في شيء ، وإنما هو من نحو الإباحة. وكل واحد مبيح لرفقته الأكل من طعامه ، سواء تحقق الإنسان أنه أكل أكثر من حصته ، أو دونها ، أو مثلها ، فلا بأس بهذا. لكن يستحب له : الإيثار والتقلل، لاسيما : إن كان في الطعام قلة. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية