الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3259 باب الأمر بجمع الأزواد إذا قلت والمواساة فيها

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب استحباب خلط الأزواد إذا قلت. إلخ ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 33 - 34 ج 12 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [ عن إياس بن سلمة عن أبيه ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فأصابنا جهد، حتى هممنا أن ننحر بعض ظهرنا. فأمر نبي الله صلى الله عليه وسلم: فجمعنا مزاودنا، فبسطنا له نطعا، فاجتمع زاد القوم على النطع. قال: فتطاولت لأحزره ، كم هو؟ فحزرته: كربضة العنز، ونحن أربع عشرة مائة، قال: فأكلنا حتى شبعنا جميعا، ثم حشونا جربنا، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : "فهل من وضوء؟ " قال: فجاء رجل بإداوة له، فيها نطفة، فأفرغها في قدح، فتوضأنا كلنا، ندغفقه دغفقة أربع عشرة مائة.

                                                                                                                              قال: ثم جاء بعد ذلك ثمانية، فقالوا: هل من طهور؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فرغ الوضوء
                                                                                                                              ".] [ ص: 444 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 444 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن إياس بن سلمة عن أبيه ) رضي الله عنه : (قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم في غزوة ، فأصابنا جهد ) بفتح الجيم ، وهو المشقة (حتى هممنا أن ننحر بعض ظهرنا. فأمر نبي الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم : فجمعنا مزاودنا ) هكذا هو في بعض النسخ ، أو أكثرها. وفي بعضها : " أزوادنا ". وفي بعضها : "تزوادنا " بفتح التاء وكسرها.

                                                                                                                              (فبسطنا له نطعا ) . في " النطع " لغات ، أفصحهن : كسر النون وفتح الطاء.

                                                                                                                              (فاجتمع زاد القوم على النطع. قال : فتطاولت لأحزره كم هو ؟ فحزرته : كربضة العنز ) أي : كمبركها. أو كقدرها وهي رابضة. قال عياض : الرواية فيه : بفتح الراء. وحكاه ابن دريد بكسرها.

                                                                                                                              ونحن أربع عشرة مائة. قال : فأكلنا حتى شبعنا جميعا ، ثم حشونا جربنا ) بضم الراء وإسكانها : جمع " جراب ، بكسر الجيم على المشهور. ويقال بفتحها.

                                                                                                                              فقال نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم : هل من وضوء ؟ ) أي : ما يتوضأ به. وهو بفتح الواو ) على المشهور. وحكي ضمها.

                                                                                                                              [ ص: 445 ] (قال : فجاء رجل بإداوة له فيها نطفة ) بضم النون. أي : قليل من الماء. (فأفرغها في قدح ، فتوضأنا كلنا ، ندغفقه دغفقة ) . أي : نصبه صبا شديدا (أربع عشرة مائة. قال : ثم جاء بعد ذلك ثمانية ، فقالوا : هل من طهور ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم : فرغ الوضوء ) .

                                                                                                                              في هذا الحديث : معجزتان ظاهرتان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهما : تكثير الطعام ، وتكثير الماء : هذه الكثرة الظاهرة.

                                                                                                                              قال المازري في تحقيق المعجزة في هذا : إنه كلما أكل منه جزء ، أو شرب جزء : خلق الله تعالى جزءا آخر يخلفه.

                                                                                                                              قال : ومعجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضربان ؛

                                                                                                                              أحدهما : القرآن. وهو منقول تواترا .

                                                                                                                              والثاني مثل تكثير الطعام والشراب ، ونحو ذلك.

                                                                                                                              قال النووي : وفي هذا الحديث : استحباب المواساة في الزاد ، وجمعه عند قلته. وجواز أكل بعضهم مع بعض ، في هذه الحالة. وليس [ ص: 446 ] هذا من " الربا " في شيء ، وإنما هو من نحو الإباحة. وكل واحد مبيح لرفقته الأكل من طعامه ، سواء تحقق الإنسان أنه أكل أكثر من حصته ، أو دونها ، أو مثلها ، فلا بأس بهذا. لكن يستحب له : الإيثار والتقلل، لاسيما : إن كان في الطعام قلة. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية