السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3272 باب النهي عن الغدر

وقال النووي : ( باب تحريم الغدر) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 44 جـ 12 المطبعة المصرية

[عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لكل غادر لواء يوم القيامة، يرفع له بقدر غدره. ألا، ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة " ].


(الشرح)

(عن أبي سعيد) رضي الله عنه: (قال: قال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: لكل غادر لواء يوم القيامة، يرفع له بقدر غدره) .

" اللواء " الراية العظيمة، لا يمسكها إلا صاحب جيش الحرب، أو صاحب دعوة الجيش. ويكون الناس تبعا له. قالوا: فمعنى لكل [ ص: 604 ] غادر لواء: أي علامة يشهر بها في الناس. لأن موضوع اللواء: الشهرة بمكان الرئيس، علامة له. وكانت العرب تنصب الألوية في الأسواق الحفلة، لغدرة الغادر، لتشهيره بذلك.

وأما " الغادر "؛ فهو الذي يواعد على أمر ولا يفي به. يقال: "غدر يغدر"، بكسر الدال في المضارع.

(ألا، ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة) .

والحديث له ألفاظ وطرق عند مسلم وغيره. وفيها بيان غلظ تحريم الغدر، لا سيما من صاحب الولاية العامة. لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلق كثيرين.

وقيل: لأنه غير مضطر إلى الغدر، لقدرته على الوفاء. كما جاء في الحديث الصحيح في تعظيم كذب الملك.

والمشهور: أن هذا الحديث وارد في ذم الإمام الغادر. وذكر عياض احتمالين:

أحدهما: هذا. وهو نهي الإمام: أن يغدر في عهوده لرعيته، وللكفار وغيرهم. أو غدره للأمانة التي قلدها لرعيته، والتزم القيام [ ص: 605 ] بها، والمحافظة عليها. ومتى خانهم، أو ترك الشفقة عليهم، أو الرفق بهم: فقد غدر بعهده.

والاحتمال الثاني: أن يكون المراد: نهي الرعية عن الغدر بالإمام.

فلا يشقوا عليه العصا، ولا يتعرضوا لما يخاف حصول فتنة بسببه. والصحيح: الأول. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية