الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3272 باب النهي عن الغدر

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب تحريم الغدر) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 44 جـ 12 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لكل غادر لواء يوم القيامة، يرفع له بقدر غدره. ألا، ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة " ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي سعيد) رضي الله عنه: (قال: قال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: لكل غادر لواء يوم القيامة، يرفع له بقدر غدره) .

                                                                                                                              " اللواء " الراية العظيمة، لا يمسكها إلا صاحب جيش الحرب، أو صاحب دعوة الجيش. ويكون الناس تبعا له. قالوا: فمعنى لكل [ ص: 604 ] غادر لواء: أي علامة يشهر بها في الناس. لأن موضوع اللواء: الشهرة بمكان الرئيس، علامة له. وكانت العرب تنصب الألوية في الأسواق الحفلة، لغدرة الغادر، لتشهيره بذلك.

                                                                                                                              وأما " الغادر "؛ فهو الذي يواعد على أمر ولا يفي به. يقال: "غدر يغدر"، بكسر الدال في المضارع.

                                                                                                                              (ألا، ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة) .

                                                                                                                              والحديث له ألفاظ وطرق عند مسلم وغيره. وفيها بيان غلظ تحريم الغدر، لا سيما من صاحب الولاية العامة. لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلق كثيرين.

                                                                                                                              وقيل: لأنه غير مضطر إلى الغدر، لقدرته على الوفاء. كما جاء في الحديث الصحيح في تعظيم كذب الملك.

                                                                                                                              والمشهور: أن هذا الحديث وارد في ذم الإمام الغادر. وذكر عياض احتمالين:

                                                                                                                              أحدهما: هذا. وهو نهي الإمام: أن يغدر في عهوده لرعيته، وللكفار وغيرهم. أو غدره للأمانة التي قلدها لرعيته، والتزم القيام [ ص: 605 ] بها، والمحافظة عليها. ومتى خانهم، أو ترك الشفقة عليهم، أو الرفق بهم: فقد غدر بعهده.

                                                                                                                              والاحتمال الثاني: أن يكون المراد: نهي الرعية عن الغدر بالإمام.

                                                                                                                              فلا يشقوا عليه العصا، ولا يتعرضوا لما يخاف حصول فتنة بسببه. والصحيح: الأول. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية