السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4351 باب في اتباع النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، وقول تعالى: لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم

وذكره النووي، في: (باب توقيره، صلى الله عليه وآله وسلم، وترك إكثار سؤاله: عما لا ضرورة إليه، أو لا يتعلق به تكليف، وما لا يقع، ونحو ذلك).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 111، 112 جـ 15 المطبعة المصرية

[عن أنس بن مالك قال بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحابه شيء فخطب، فقال عرضت علي الجنة والنار فلم أر كاليوم في الخير والشر ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، قال: فما أتى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أشد منه، قال: غطوا رءوسهم ولهم خنين، قال: فقام عمر فقال: رضينا بالله ربا وبالإسلام [ ص: 154 ] دينا وبمحمد نبيا، قال: فقام ذاك الرجل، فقال: من أبي؟ قال: أبوك فلان؛ فنزلت يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ].


(الشرح) (عن أنس بن مالك، رضي الله عنه؛ قال: بلغ رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ عن أصحابه شيء، فخطب، فقال: عرضت علي الجنة والنار، فلم أر كاليوم: في الخير والشر).

فيه: أن الجنة والنار، مخلوقتان موجودتان اليوم.

والمعنى: لم أر خيرا أكثر مما رأيته اليوم، في الجنة. ولا شرا أكثر مما رأيته اليوم، في النار. (ولو تعلمون ما أعلم: لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا).

أي: لو رأيتم ما رأيت، وعلمتم ما علمت -مما رأيته اليوم، وقبل اليوم -: لأشفقتم إشفاقا بليغا. ولقل ضحككم، وكثر بكاؤكم.

وفيه: دليل على أنه: لا كراهة في استعمال لفظة "لو"، في مثل هذا.

(قال: فما أتى على أصحاب رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: يوم أشد منه؛ قال: غطوا رؤوسهم، ولهم خنين) بالخاء المعجمة. هكذا هو في معظم النسخ، ولمعظم الرواة.

[ ص: 155 ] ولبعضهم: بالحاء المهملة.

وممن ذكر الوجهين: القاضي عياض، وصاحب التحرير، وآخرون. قالوا: ومعناه بالمعجمة: "صوت البكاء". وهو نوع من البكاء، دون الانتحاب. قالوا: وأصل "الخنين": خروج الصوت من الأنف. كالحنين "بالمهملة": من الفم.

وقال الخليل: هو صوت فيه غنة.

وقال الأصمعي: إذا تردد بكاؤه، فصار في كونه غنة: فهو "خنين".

وقال أبو زيد: "الخنين"؛ مثل "الحنين"، وهو شديد البكاء.

والله أعلم.

قال: فقام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه؛ قال: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا. قال: فقام ذلك الرجل. فقال: من أبي؟ قال: "أبوك فلان"، فنزلت هذه الآية: لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم .

فيه: تصريح بسبب النزول، ونهي عن إكثار السؤال، وأنه ربما كان [ ص: 156 ] في الجواب: ما يكرهه السائل.

وهذا الحديث له ألفاظ في "مسلم"، مطولة.

التالي السابق


الخدمات العلمية