السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4419 باب فضائل علي بن أبي طالب، رضي الله عنه

ولفظ النووي : (باب : من فضائل علي الخ) .

وكناه صلى الله عليه وآله وسلم : "بأبي تراب" .

[ ص: 323 ] وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لأبويه .

وأمه : فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف . وهي أول هاشمية ولدت هاشميا . أسلمت ، وتوفيت بالمدينة .

(حديث الباب)

- وهو بصحيح مسلم النووي ، ص 175 ج 15، المطبعة المصرية

(عن سعد بن أبي وقاص، قال : خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك فقال: يا رسول الله! تخلفني في النساء والصبيان؟ فقال: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ غير أنه لا نبي بعدي ") .

وفي رواية : "إلا أنه الخ" .

وفي أخرى : "إلا أنه : لا نبوة بعدي") .


(الشرح)

قال عياض : هذا الحديث مما تعلقت به الروافض ، والإمامية ، وسائر فرق الشيعة : في أن الخلافة كانت حقا لعلي ، وأنه وصى له بها .

[ ص: 324 ] قال : ثم اختلف هؤلاء ؛ فكفرت الروافض سائر الصحابة ، في تقديمهم غيره . وزاد بعضهم : فكفر عليا ، لأنه لم يقم في طلب حقه بزعمهم .

قال: وهؤلاء أسخف مذهبا ، وأفسد عقلا من أن يرد قولهم ، أو يناظر .

قال: ولاشك في كفر من قال هذا ؛ لأن من كفر الأمة كلها ، والصدر الأول ؛ فقد أبطل نقل الشريعة ، وهدم الإسلام .

وأما من عدا هؤلاء الغلاة : فإنهم لا يسلكون هذا المسلك ؛ فأما الإمامية ، وبعض المعتزلة ، فيقولون : هم مخطئون في تقديم غيره ، لا كفار .

وبعض المعتزلة ؛ لا يقول بالتخطئة : لجواز تقديم المفضول عندهم .

قال : وهذا الحديث لا حجة فيه لأحد منهم ، بل فيه مجرد إثبات فضيلة لعلي ، ولا تعرض فيه لكونه أفضل من غيره ، أو مثله أصلا . وليس فيه دلالة لاستخلافه بعده صلى الله عليه وآله وسلم ألبتة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، إنما قال هذا لعلي ، حين استخلفه في المدينة ، في "غزوة تبوك" . ويؤيد هذا أن هارون المشبه به ، لم يكن خليفة بعد موسى ، عليهما السلام . بل توفي في حياة موسى ، وقبل وفاة [ ص: 325 ] موسى بنحو أربعين سنة ، على ما هو مشهور عند أهل الأخبار والقصص . قالوا : وإنما استخلفه حين ذهب لميقات ربه للمناجاة . والله أعلم . انتهى.

قلت : المشار إليه : قوله تعالى : وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي أي : بني إسرائيل ، حين خرج إلى الطور.

وفي رواية عند أحمد : "فقال علي : رضيت ، رضيت" .

واستدلال الشيعة به على خلافة علي ، "رضي الله عنه" : مردود بأن الخلافة في الأهل ، في الحياة : لا تقتضي الخلافة في الأمة ، بعد الوفاة . مع أن القياس ينتقض بموت هارون ، قبل موت موسى ، كما تقدم .

وإنما كان خليفته في حياته ، في أمر خاص ، كما سبق . فكذلك ههنا .

وإنما خصه بهذه الخلافة الجزئية ، دون غيره : لمكان القرابة . فكان استخلافه في الأهل : أولى من غيره . يعني : أنت متصل بي ، ونازل مني منزلة هارون من موسى . وكان وجه التشبيه مبهما ، فبينه بقوله : "غير أنه لا نبي بعدي" ، فعرف أن الاتصال المذكور بينهما : ليس من جهة النبوة ، بل من جهة ما دونها ، وهو الخلافة . ولما كان هارون المشبه به ، إنما كان خليفة في حياة موسى؛ دل ذلك على تخصيص خلافة علي [ ص: 326 ] للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بحياته . فالحديث حجة على الشيعة ، لا لهم .

وفي نفس الحديث جواب كل شبهة أتى بها المبتدعون ، الضالون ، المضلون .

فمن هذه الحيثية فيه معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية