الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4419 باب فضائل علي بن أبي طالب، رضي الله عنه

                                                                                                                              ولفظ النووي : (باب : من فضائل علي الخ) .

                                                                                                                              وكناه صلى الله عليه وآله وسلم : "بأبي تراب" .

                                                                                                                              [ ص: 323 ] وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لأبويه .

                                                                                                                              وأمه : فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف . وهي أول هاشمية ولدت هاشميا . أسلمت ، وتوفيت بالمدينة .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              - وهو بصحيح مسلم النووي ، ص 175 ج 15، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن سعد بن أبي وقاص، قال : خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك فقال: يا رسول الله! تخلفني في النساء والصبيان؟ فقال: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ غير أنه لا نبي بعدي ") .

                                                                                                                              وفي رواية : "إلا أنه الخ" .

                                                                                                                              وفي أخرى : "إلا أنه : لا نبوة بعدي") .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              قال عياض : هذا الحديث مما تعلقت به الروافض ، والإمامية ، وسائر فرق الشيعة : في أن الخلافة كانت حقا لعلي ، وأنه وصى له بها .

                                                                                                                              [ ص: 324 ] قال : ثم اختلف هؤلاء ؛ فكفرت الروافض سائر الصحابة ، في تقديمهم غيره . وزاد بعضهم : فكفر عليا ، لأنه لم يقم في طلب حقه بزعمهم .

                                                                                                                              قال: وهؤلاء أسخف مذهبا ، وأفسد عقلا من أن يرد قولهم ، أو يناظر .

                                                                                                                              قال: ولاشك في كفر من قال هذا ؛ لأن من كفر الأمة كلها ، والصدر الأول ؛ فقد أبطل نقل الشريعة ، وهدم الإسلام .

                                                                                                                              وأما من عدا هؤلاء الغلاة : فإنهم لا يسلكون هذا المسلك ؛ فأما الإمامية ، وبعض المعتزلة ، فيقولون : هم مخطئون في تقديم غيره ، لا كفار .

                                                                                                                              وبعض المعتزلة ؛ لا يقول بالتخطئة : لجواز تقديم المفضول عندهم .

                                                                                                                              قال : وهذا الحديث لا حجة فيه لأحد منهم ، بل فيه مجرد إثبات فضيلة لعلي ، ولا تعرض فيه لكونه أفضل من غيره ، أو مثله أصلا . وليس فيه دلالة لاستخلافه بعده صلى الله عليه وآله وسلم ألبتة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، إنما قال هذا لعلي ، حين استخلفه في المدينة ، في "غزوة تبوك" . ويؤيد هذا أن هارون المشبه به ، لم يكن خليفة بعد موسى ، عليهما السلام . بل توفي في حياة موسى ، وقبل وفاة [ ص: 325 ] موسى بنحو أربعين سنة ، على ما هو مشهور عند أهل الأخبار والقصص . قالوا : وإنما استخلفه حين ذهب لميقات ربه للمناجاة . والله أعلم . انتهى.

                                                                                                                              قلت : المشار إليه : قوله تعالى : وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي أي : بني إسرائيل ، حين خرج إلى الطور.

                                                                                                                              وفي رواية عند أحمد : "فقال علي : رضيت ، رضيت" .

                                                                                                                              واستدلال الشيعة به على خلافة علي ، "رضي الله عنه" : مردود بأن الخلافة في الأهل ، في الحياة : لا تقتضي الخلافة في الأمة ، بعد الوفاة . مع أن القياس ينتقض بموت هارون ، قبل موت موسى ، كما تقدم .

                                                                                                                              وإنما كان خليفته في حياته ، في أمر خاص ، كما سبق . فكذلك ههنا .

                                                                                                                              وإنما خصه بهذه الخلافة الجزئية ، دون غيره : لمكان القرابة . فكان استخلافه في الأهل : أولى من غيره . يعني : أنت متصل بي ، ونازل مني منزلة هارون من موسى . وكان وجه التشبيه مبهما ، فبينه بقوله : "غير أنه لا نبي بعدي" ، فعرف أن الاتصال المذكور بينهما : ليس من جهة النبوة ، بل من جهة ما دونها ، وهو الخلافة . ولما كان هارون المشبه به ، إنما كان خليفة في حياة موسى؛ دل ذلك على تخصيص خلافة علي [ ص: 326 ] للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بحياته . فالحديث حجة على الشيعة ، لا لهم .

                                                                                                                              وفي نفس الحديث جواب كل شبهة أتى بها المبتدعون ، الضالون ، المضلون .

                                                                                                                              فمن هذه الحيثية فيه معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية