السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4790 باب في سبق المقادير، وقوله تعالى ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها

وذكره النووي، في (باب كيفية خلق الآدمي، في بطن أمه .. إلخ) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 198، 199 ج16، المطبعة المصرية

(عن أبي الأسود الدئلي، قال: قال لي عمران بن الحصين: أرأيت ما يعمل الناس اليوم، ويكدحون فيه! أشيء قضي عليهم، ومضى عليهم من قدر ما سبق؟ أو فيما يستقبلون به، مما أتاهم به نبيهم، وثبتت الحجة عليهم؟

فقلت: بل شيء قضي عليهم، ومضى عليهم. قال: فقال: أفلا يكون ظلما؟ قال: ففزعت من ذلك، فزعا شديدا. وقلت: كل شيء خلق الله، وملك يده. فلا يسأل عما يفعل، وهم يسألون. فقال لي: يرحمك الله! إني لم أرد بما سألتك إلا لأحزر عقلك. إن رجلين من مزينة، أتيا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالا: يا رسول الله! أرأيت ما يعمل الناس اليوم، ويكدحون فيه: أشيء قضي عليهم، ومضى فيهم من قدر قد سبق؟ أو فيما يستقبلون به، مما أتاهم به نبيهم، وثبتت الحجة عليهم؟ فقال: «لا.
بل شيء قضي عليهم، ومضى فيهم، وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل: ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها



[ ص: 361 ] (الشرح)

(عن أبي الأسود الدئلي، قال: قال لي عمران بن حصين، رضي الله عنهما: أرأيت ما يعمل الناس اليوم، ويكدحون فيه) أي: يسعون. و«الكدح» هو السعي في العمل، سواء كان للآخرة أم للدنيا.

(أشيء قضي عليهم، ومضى عليهم من قدر ما سبق؟ أو فيما يستقبلون به مما قد أتاهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم، ثبتت الحجة عليهم؟ فقلت: بل شيء قضي عليهم، ومضى عليهم. قال: فقال: أفلا يكون ظلما؟ قال: ففزعت من ذلك فزعا شديدا. وقلت: كل شيء خلق الله، وملك يده. فلا يسأل عما يفعل، وهم يسألون. فقال لي: يرحمك الله! إني لم أرد بما سألتك إلا لأحزر عقلك) أي: لأمتحن فهمك ومعرفتك.

(إن رجلين من مزينة، أتيا رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، فقالا: يا رسول الله! أرأيت ما يعمل الناس اليوم، ويكدحون فيه! أشيء قضي عليهم، ومضى فيهم من قدر قد سبق؟ أو فيما [ ص: 362 ] يستقبلون به، مما أتاهم به نبيهم، وتثبت الحجة عليهم؟ فقال: «لا بل شيء قضي عليهم، ومضى عليهم. وتصديق ذلك في كتاب الله: ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ) .

هذا الحديث، وما في معناه من الأحاديث الأخرى: فيه دلالات ظاهرة لمذهب أهل السنة في إثبات القدر، وأن جميع الواقعات بقضاء الله تعالى وقدره، خيرها وشرها، نفعها وضرها. قال تعالى: لا يسأل عما يفعل وهم يسألون فهو ملك لله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. ولا اعتراض على المالك في ملكه؛ ولأن الله تعالى لا علة لأفعاله. قاله النووي .

أقول: نعم لا علة لفعله تعالى. ولكن لا يخلو فعله عن حكمة بالغة، ومصلحة تامة، لا يعلمها إلا هو، ولولا ذلك لكانت أفعاله عبثا. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

[ ص: 363 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية