صفحة جزء
باب في السعي بين الصفا والمروة

ورد القرآن بإباحة السعي بين الصفا والمروة ؛ لقول الله تعالى : فلا جناح عليه أن يطوف بهما . وتضمنت الآية الندب لقوله تعالى : من شعائر الله . وجاءت السنة في إثباته ، قالت عائشة : "سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -الطواف بين الصفا والمروة ، وليس لأحد أن يدع ذلك" ، وثبت الأمر به ، فقال ابن عمر : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من لم يكن معه هدي ؛ فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليتحلل ، ثم ليهل بالحج . . ." الحديث ، وقد أخرج هذين الحديثين البخاري ومسلم ، وقد تضمن هذا الحديث وجهين :

الأمر به ، وأنه على حكم الإحرام . وقد اختلف في وجوبه ، فذهب مالك وأصحابه إلى أنه واجب في الحج والعمرة ، وعلى من تركه حتى رجع إلى بلده الرجوع ليأتي به .

ومن أصاب أهله بعد الطواف وقبل السعي ؛ كان قد أفسد ، وعليه القضاء . وإن فعل ذلك في حج ، ولم يكن طاف للقدوم ، ثم طاف للإفاضة ، [ ص: 1198 ] ولم يسع حتى أصاب أهله - كان عليه أن يأتي بعمرة . قال الثوري وإسحاق في المعتمر يصيب أهله قبل أن يسعى : يهريق دما ، وقد تمت عمرته ، ولم يوجبا السعي . وقال ابن عباس : العمرة الطواف وذكر ابن القصار عن إسماعيل القاضي أنه ذكر عن مالك فيمن ترك السعي بين الصفا والمروة حتى تباعد وطال الأمر ، فأصاب النساء : أنه يهدي ، ويجزئه . قال : وأحسبه ذهب في ذلك إلى ما وصفنا للاختلاف ، ولقول بعضهم : ليس بواجب . وقال بعضهم : إنه تطوع .

التالي السابق


الخدمات العلمية