إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ولا يجوز إخراج الدقيق
(ولا يجوز إخراج الدقيق) أي: ولا السويق، وعبارة الوجيز: ولا يجزئ الدقيق، فإنه بدل، وقيل: إنه أصل وعلم على لفظ الدقيق بالحاء والألف يشير إلى خلاف أبي حنيفة وأحمد، وعبارة المنهاج: الواجب الحب .

قال: قال شارحه: حيث تعين فلا تجزئ القيمة اتفاقا، ولا الخبز ولا الدقيق ولا السويق ونحو ذلك؛ لأن الحب يصلح لما يصلح له هذه الثلاثة. اهـ .

وعبارة الروضة: ولا يجزئ الدقيق ولا السويق ولا الخبز كما لا تجزئ القيمة، وقال الأنماطي: يجزئ الدقيق، قال ابن عبدان: يقتضي قوله إجزاء السويق والخبز، وصححه اهـ .

ونص أحمد بن حنبل على جواز إخراج الدقيق، وكذلك السويق، ولا يجزئ عندهم الخبز، وأما مالك فعنه في الدقيق قولان، وعند أصحابنا الحنفية: دقيق البر وسويقه كبر، ودقيق الشعير وسويقه كالشعير، والأولى أن يراعي فيهما القدر والقيمة احتياطا، وإن نص على الدقيق في بعض الأخبار لكونه مشهورا، كذا في شرح المختار، قلت: وروى صاحب العناية من حديث أبي هريرة رفعه: أدوا قبل خروجكم زكاة فطركم؛ فإن على كل مسلم مدين من قمح أو دقيقه، ولأبي داود في حديث أبي سعيد الماضي ذكره: أو صاعا من دقيق، وقال: هذه وهم من ابن عيينة، قال حامد بن يحيى: فأنكروا عليه فتركه سفيان، وأما الخبز عنه فاختلف فيه، فقال بعضهم: يعتبر فيه القدر، وهو أن يكون منوين؛ لأنه كما جاز من دقيقه نصف صاع فأولى أن يجوز من غيره ذلك القدر لكونه أنفع، وقال بعضهم: يعتبر فيه القيمة ولا يراعى فيه القدر، وصححه صاحب الهداية؛ لأنه لم يرد فيه الأثر فصار كالذرة وغيرها من الحبوب التي لم يرد فيها الأثر بخلاف الدقيق والزبيب .

ومعنى قولهم: يراعى في الدقيق والسويق القدر والقيمة احتياطا أن يؤدي نصف صاع من دقيق البر تبلغ قيمته قيمة نصف صاع من بر، وأما لو أدى منا أو نصفا من من دقيق البر، ولكن لا تبلغ قيمته قيمة نصف صاع من بر، لا يكون عاملا بالاحتياط، وقال ابن الهمام: وجب الاحتياط بأن يعطي نصف صاع دقيق حنطة أو صاع دقيق شعير يساويان نصف صاع بر وصاع شعير، لا أقل من نصف يساوي نصف صاع بر، أو أقل من صاع يساوي صاع شعير ولا نصف لا يساوي نصف صاع بر أو صاع لا يساوي صاع شعير. اهـ .

وذكر الشيخ علاء الدين التركماني من أصحابنا ما نصه: جوز الشافعي رحمه الله تعالى إخراج الأرز والذرة والدخن إذا كانت غالب قوت البلد، وجوز الأقط مع أنه يتولد من الحيوان ولم يجوز الدقيق، فإن عمل بظاهر الحديث فليست هذه الأشياء مذكورة فيه، ولا اعتبر فيه غالب القوت، بل ذكرت أشياء بخصوصها، وإن اعتبر غالب القوت فالدقيق قوت غالب، بل هو أسرع منفعة وأعجل إغناء للفقير عن المسألة في ذلك اليوم، ثم إن الشارع ذكر تلك الأشياء ب "أو" المقتضية للتخيير، فمقتضاه أنه لو كان غالب القوت الحنطة فأخرج شعيرا أنه يجوز، ومذهب الشافعي أنه لا يجوز اهـ .

التالي السابق


الخدمات العلمية