سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الثاني في بيان كيفيات صلاته- صلى الله عليه وسلم- لصلاة الخوف . على سبيل التفصيل

قال الإمام الحافظ شيخ الإسلام أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي الشافعي- رحمه الله تعالى- : قد جمعت طرق الأحاديث الواردة في صلاة الخوف فبلغت سبعة عشر وجها ، وفي بعضها والعدو بينه وبين القبلة وهي أكثر أحاديث الباب .

وفي بعضها كان العدو في غير القبلة وذلك في خمسة أحاديث : في حديث ابن عمر ، وبعض طرق حديث سهل بن أبي حثمة ، وفي حديث جابر من رواية الحسن عنه ، وفي حديث أبي هريرة من رواية مروان بن الحكم عنه ، وفي حديث ابن مسعود ، وها أنا مورد ما ذكره منقحا له :

الوجه الأول :

روى الخمسة عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال : «غزوت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قبل نجد فوازينا العدو ، فصاففنا لهم ، فقام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي لنا فقامت طائفة معه تصلي وأقبلت طائفة على العدو ، فصلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ومن معه ركعة وسجدتين ثم انصرفوا مكان أولئك الذين لم يصلوا ، وجاءت الطائفة التي لم تصل فركع بهم ركعة وسجدتين ، ثم سلم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، فقام كل رجل من المسلمين فركع لنفسه ركعة وسجدتين» .

قال العراقي : وهكذا في حديث أبي موسى وليس في طرق حديث ابن عمر ولا حديث أبي موسى بيان لكيفية قضاء الطائفتين للركعة ، هل قضت كل فرقة ركعتها بعد سلام الإمام أو تقدمت بقضائها وحرست الأخرى ثم قضت الأخرى وحرس الآخرون .

وقد حكى فيه النووي خلافا فقال في «شرح مسلم» ثم قال : إن الطائفتين قضوا ركعتهم الباقية معا ، وقيل متفرقين قال : وهو الصحيح .

قال العراقي : وهذا ليس اختلافا في الرواية ، وإنما هو اختلاف لبعض العلماء ، وكأن النووي أخذه من القاضي فإنه قال «في الإكمال» : اختلف في تأويله . فقيل : قضوا معا ، وهو تأويل «أبي سهل» بن حبيب ، وعليه حمل قول أشهب : وقيل : قضوا «ركعتهم الباقية معا» وقيل [ ص: 245 ] متفرقين ، قال وهو الصحيح مثل حديث ابن مسعود وهو المنصوص لأشهب . انتهى ثم قال العراقي : وأما ما وقع في الرافعي وغيره من كتب الفقه :

الوجه الثاني :

روى الإمام الشافعي والخمسة عن مالك بن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن صلى مع النبي- صلى الله عليه وسلم- يوم ذات الرقاع صلاة الخوف : أن طائفة صفت [معه] وطائفة وجاه العدو . فصلى بالذين معه ركعة ، ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا ، فصفوا وجاه العدو ، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت ، ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ، ثم سلم بهم .

وروى الشيخان عن سهل بن أبي حثمة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى بأصحابه في الخوف ، وصفهم خلفه صفين ، فصلى بالذين يلونه ركعة ، ثم قام فلم يزل قائما حتى صلى الذين معه ركعة ، ثم تقدموا وتأخر الذين كانوا قدامهم فصلى بهم ركعة ثم قعد ، حتى صلى الذين تجاه القوم ركعة ثم سلم .

الوجه الثالث :

روي عن شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه ، عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة في حديث يزيد بن رومان عن صالح : إلا أن الطائفة الأولى إذا أتموا لأنفسهم ركعة سلموا ثم انصرفوا ، وإذا صلى الإمام بالطائفة الثانية سلم ، فيركعون لأنفسهم الركعة الثانية ، ثم يسلمون قال القاضي : وبهذا أخذ مالك والشافعي وأبو داود .

الوجه الرابع :

روى مسلم وأبو داود عن سهل بن أبي حثمة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صفهم خلفه صفين فصلى بالذين يلونه ركعة ، ثم قام فلم يزل قائما حتى صلى الذين خلفهم ركعة ثم تقدموا ، وتأخر الذين كانوا قدامهم فصلى بهم ركعة ثم قعد ثم صلى الذين تخلفوا ركعة ثم سلم جميعا زاد أبو داود : إن هذه الأولى إذا صلت ركعة وتقدمت لم تسلم . [ ص: 246 ]

الوجه الخامس :

روى الشيخان وغيرهما عن أبي سلمة عن جابر- رضي الله تعالى عنه قال : كنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بذات الرقاع وأقيمت الصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا فصلى بالطائفة الأخرى ركعتين ، وكان للنبي- صلى الله عليه وسلم- أربع ، وللقوم ركعتان .

قال العراقي ولم يذكر سلامه بعد الركعتين الأوليين .

الوجه السادس :

روى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي عن الحسن عن أبي بكرة- واللفظ له ، «قال :

صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في خوف الظهر فصف بعضهم خلفه ، وبعضهم بإزاء العدو ، فصلى ركعتين ثم سلم ، فانطلق الذين صلوا معه ، فوقفوا موقف أصحابهم ، ثم جاء أولئك فصلوا خلفه فصلى بهم ركعتين ثم سلم فكانت لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- أربعا ولأصحابه ركعتين ركعتين» .

الوجه السابع :

روى مسلم ، والنسائي عن عطاء ، ومسلم عن أبي الزبير كلاهما عن جابر رضي الله تعالى عنهما- قال : «شهدت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف ، فصفنا صفين ، صف خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والعدو بيننا وبين القبلة ، فكبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وكبرنا جميعا ثم ركع وركعنا جميعا ، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه ، وقام الصف المؤخر في نحر العدو فلما قضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- السجود ، وقام الصف الذي يليه ، انحدر الصف المؤخر بالسجود ، وقاموا ، ثم تقدم الصف المؤخر ، وتأخر الصف المقدم فقام مقام أولئك ، فكبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وكبرنا معه ، وركع فركعنا جميعا ، ثم رفع رأسه ورفعنا جميعا ، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه الذي كان مؤخرا في الركعة الأولى ، وقام الصف [المؤخر في نحور العدو] فلما قضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- السجود والصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجدوا ثم سلم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وسلمنا جميعا» . [ ص: 247 ]

والله أعلم .

الوجه الثامن :

روى ابن حبان في صحيحه عن شرحبيل بن سعد عن جابر- رضي الله تعالى عنه- فذكر الحديث وقال فيه : فكبر وكبرت الطائفتان ، فركع وركعت الطائفة التي خلفه والأخرى قعود ، ثم سجد وسجدوا أيضا والآخرون قعود ثم قام فقاموا ونكصوا خلفهم حتى كانوا مكان أصحابهم قعدوا ، وأتت الطائفة الأخرى فصلى بهم ركعة وسجدتين ثم سلم ، فقامت الطائفتان كلتاهما فصلوا لأنفسهم ركعة وسجدتين .

الوجه التاسع :

روى النسائي وابن حبان عن يزيد الفقير عن جابر- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى بهم صلاة الخوف فقام صف بين يديه وصف خلفه ، فصلى بالذين خلفه ركعة وسجدتين ، ثم تقدم هؤلاء حتى قاموا في مقام أصحابهم ، وجاء أولئك فقاموا مقام هؤلاء ، فصلى بهم ركعة وسجدتين ثم سلم فكانت له ركعتان ولهم ركعة .

وهكذا في حديث الأسود بن هلال عن ثعلبة بن زهدم الحنظلي - رضي الله تعالى عنه- قال : «كنا عند سعيد بن العاصي بطبرستان فقال : أيكم صلى مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف ؟ فقال حذيفة : أنا فصف الناس فقال : صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف بطائفة ركعة صف خلفه ، وطائفة أخرى بينه وبين العدو ، فصلى بالطائفة التي تليه ركعة ثم نكص هؤلاء إلى مصاف أولئك ، وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا» .

فقام حذيفة فصف الناس خلفه فصلى بهؤلاء ركعة وبهؤلاء ركعة ، ولم يقضوا ،
ورواه أبو داود مختصرا .

وقال النسائي : في روايته بعد قول حذيفة : «أنا» فوصف فقال صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف بطائفة ركعة صفت خلفه ، وطائفة أخرى بينه وبين العدو ، فصلى بالطائفة التي تليه ركعة ثم نكص هؤلاء إلى مصاف أولئك وجاء أولئك فصلى بهم ركعة . [ ص: 248 ]

وفي رواية له : فقام حذيفة وصف الناس خلفه صفين فذكر صلاة حذيفة بهم .

وروى الطبراني برجال الصحيح عن أبي موسى- رضي الله تعالى عنه- أنه كان بالدار من أصبهان وما بهم يومئذ كبير خوف ، ولكن أحب أن يعلمهم دينهم وسنة نبيهم- صلى الله عليه وسلم- فجعلهم صفين طائفة معها السلاح مقبلة على عدوها ، وطائفة من ورائها ، فصلى بالذين يلونه ركعة ثم نكصوا على أدبارهم حتى قاموا مقام الآخرين يتخللونهم حتى قاموا وراءه فصلى بهم ركعة أخرى ثم سلم فقام الذين يلونه والآخرون فصلوا ركعة ركعة ، ثم سلم بعضهم على بعض ، فتمت للإمام ركعتان وللناس ركعة ركعة والله أعلم .

الوجه العاشر .

روى النسائي وابن حبان عن ابن عباس رضي الله عنهما في رواية أبي بكر بن أبي الجهم عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عنه : أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى بذي قرد فصف الناس خلفه صفين ، صفا خلفه وصفا موازي العدو ، فصلى بالذين خلفه ركعة ، ثم انصرف هؤلاء إلى مكان أولئك وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا .

وكذلك روياه أيضا عن زيد بن ثابت- رضي الله تعالى عنه- صف خلفه وصف بإزاء العدو ، وفي آخره فكان للنبي- صلى الله عليه وسلم- ركعتان ولكل طائفة ركعة .

وكذلك في رواية عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- :

أنه- صلى الله عليه وسلم- صلى بكل طائفة ركعة .

كذا رواه الطبراني والبيهقي عن ابن عمر- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- «أنه صلى بهؤلاء ركعة وبهؤلاء ركعة في صلاة الخوف» .

الوجه الحادي عشر :

روى الشيخان والنسائي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال : «قام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وقام الناس معه فكبر وكبروا معه ، وركع وركع ناس منهم ثم سجد وسجدوا معه ، ثم قام للثانية فقام الذين سجدوا وحرسوا إخوانهم وأتت الطائفة الأخرى فركعوا وسجدوا معه والناس كلهم في صلاة ولكن يحرس بعضهم» . [ ص: 249 ]

ورواه البزار بسياق أتم منه عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال : «خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في غزوة له ، فلقي المشركين بعسفان ، فلما صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الظهر فرأوه يركع ويسجد هو وأصحابه ، فقال بعضهم لبعض لو حملتم عليهم ما علموا بكم ، حتى تواقعوهم ، فقال قائل منهم : إن لهم صلاة أخرى فهي أحب إليهم من أهليهم وأموالهم فاصبروا حتى تحضر فنحمل عليهم جملة فأنزل الله عز وجل وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة الآية فلما صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كبر فكبروا معه جميعا ثم ركع وركعوا معه جميعا فلما سجد سجد معه الصف الذين يلونه ثم قام الذين خلفهم مقبلون على العدو ، فلما فرغ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من سجوده وقام سجد الصف الثاني ، ثم قاموا وتأخر الصف الذين يلونه ، وتقدم الآخرون فكانوا يلون رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، فلما ركع ركعوا معه جميعا ، ثم رفع فرفعوا معه ثم سجد فسجد معه الذين يلونه ، وقام الصف الثاني مقبلون على العدو ، فلما فرغ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من سجوده وقعد ، قعد الذين يلونه وسجد الصف المؤخر ثم قعدوا فسجدوا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلما سلم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سلم عليهم جميعا ، فلما نظر إليهم المشركون يسجد بعضهم ويقوم بعض قالوا «قد أخبروا بما أردنا» .

وروى مسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، عن بكير بن الأخنس عن مجاهد ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال : «فرض الله عز وجل الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعا ، وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة» .

وقول أبي عمر بن بكير انفرد به ، وإنه ليس بحجة فيما تفرد به مردود ، فقد وثقه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم ، والنسائي وغيرهم .

الوجه الثاني عشر :

روى أبو داود عن عروة بن الزبير- رضي الله تعالى عنه- : وابن حبان عن عروة قال :

سمعت أبا هريرة- رضي الله تعالى عنه أنه صلى صلاة الخوف مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عام غزوة نجد ، قام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى صلاة العصر .

الوجه الثالث عشر :

روى أبو داود عن ابن مسعود- رضي الله تعالى عنه- قال : «صلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف فقاموا صفا خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم-» . [ ص: 250 ]

وروى عبد الرزاق عنه قال : «كنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فصف صفا خلفه وصفا موازيا وهم في صلاة كلهم فكبر وكبروا جميعا فصلى بالصف الذي يليه ركعة ، ثم ذهب هؤلاء وجاء هؤلاء فصلى بهم ركعة ، ثم قام هؤلاء الذين يلونهم صلى بهم الركعة الثانية فصفوا مكانهم ، ثم ذهب هؤلاء إلى مصاف هؤلاء وجاء أولئك فقضوا الركعة .

الوجه الرابع عشر :

روى النسائي عن أبي عياش الزرقي- رضي الله تعالى عنه قال : «كنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعسفان فصلينا الظهر فقال المشركون- وعليهم خالد بن الوليد- لقد أصبنا منهم غرة ولقد أصبنا منهم غفلة لو أنا حططنا عليهم وهم في الصلاة ، فقالوا : إن لهم صلاة بعد هذه هي أحب إليهم من أموالهم وأبنائهم ، فنزلت صلاة الخوف بين الظهر والعصر فصلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة العصر ، ففرقنا فرقتين ، فرقة تصلي مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وفرقة يحرسونه فكبر بالذين يلونه ، والذين يحرسونه ، ثم ركع فركع هؤلاء وأولئك جميعا ثم سجد الذين يلونه وتأخر هؤلاء الذين يلونه ، وتقدم الآخرون ، فسجدوا ثم قام فركع بهم جميعا الثانية وبالذين يلونه وبالذين يحرسونه ، ثم سجد بالذين يلونه ، ثم تأخروا فقاموا في مصاف أصحابهم وتقدم الآخرون فسجدوا ثم سلم عليهم ، فكانت لكلهم ركعتان ركعتان مع إمامهم .

وفي رواية رواها أبو داود أيضا أن الصف المتأخر سجدوا مكانهم قبل أن يتقدموا في كل ركعة ، ولم يتقدموا في الركعة الأخرى قالالعراقي : وهذا هو المشهور كما في رواية ابن الزبير ، وعطاء ، عن جابر ، وكلاهما عن مسلم وإسناده صحيح ، وقد زالت تهمة ابن إسحاق بتصريحه بالتحديث إلا أنه اختلف عليه فيه . هل هي رواية عروة عن أبي هريرة ؟ كما تقدم ، أو من روايته عن عائشة .

قال العراقي : ولعل ابن إسحاق سمعه من محمد بن جعفر بن الزبير بالإسنادين جميعا .

الوجه الخامس عشر :

روى البزار عن الحارث عن علي- رضي الله تعالى عنه- عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في صلاة الخوف : أمر النبي- صلى الله عليه وسلم- الناس فأخذوا السلاح عليهم فقامت طائفة من ورائهم مستقبلي العدو ، وجاءت طائفة فصلوا معه فصلى بهم ركعة ، ثم قاموا إلى الطائفة التي لم تصل ، [ ص: 251 ] وأقبلت الطائفة التي لم تصل معه فقاموا خلفه فصلى بهم ركعة وسجدتين ، ثم سلم عليهم- فلما سلم ، قام الذين قبل العدو فكبروا جميعا ، وركعوا ركعة وسجدتين بعد ما سلم .

قال العراقي : وظاهر أنه صلى بكل طائفة ركعة ، وركعت إحدى الطائفتين ركعة أخرى .

ولا يجوز أن تكون المغرب لأنه- صلى الله عليه وسلم- سلم بعد الركعتين والمغرب لا تقصر ، وقد

ورد عن علي- رضي الله تعالى عنه- أنه قال : «صليت صلاة الخوف مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ركعتين ركعتين ، إلا المغرب فإنه صلاها ثلاثا» .

الوجه السادس عشر :

روى الحاكم في الإكليل عن خوات بن جبير - رضي الله تعالى عنه- قال : «صليت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف فاستقبل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- القبلة وطائفة خلفه وطائفة مواجهة العدو ، فصلى بالطائفة التي خلفه ركعة وسجدتين ثم سلموا وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم ركعة وسجدتين ، والطائفة مقبلة على العدو فلما صلى بهم ركعة لبث جالسا حتى أتموا لأنفسهم ركعة وسجدتين ، ثم سلموا» .

هذا آخر ما ذكره الحافظ أبو الفضل العراقي وسقط من النسخة ذكر الرابع وإسناد حديث ابن مسعود منقطع ، وإسناد حديث ابن عباس من رواية أبي بكر بن الجهم ، تكلم فيه الإمام الشافعي ، وإسناد حديث زيد بن ثابت ضعف البخاري إسناده فإنه من رواية القاسم بن حسان وإسناد حديث علي ضعيف ، فإنه من رواية الحارث وإسناد حديث خوات ضعيف أيضا فإنه من رواية الواقدي [ ص: 252 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية