سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
العشرون .

وبأنه صلى الله عليه وسلم سمي أحمد ، ولم يسم أحد قبله كما في حديث علي عند الإمام أحمد ومسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث . [ ص: 283 ]

الحادية والعشرون .

وبإطلال الملائكة له في سفره صلى الله عليه وسلم تقدم ذلك في سفره إلى الشام مرة ثانية وزواجه خديجة رضي الله عنها .

الثانية والعشرون .

وكان أرجح الناس عقلا كما رواه أبو نعيم عن وهب بن منبه رضي الله عنه وتقدم في أرجح الناس عقلا من أسمائه .

الثالثة والعشرون .

بأنه أوتي كل الحسن ، ولم يؤت يوسف عليه الصلاة والسلام إلا شطره كما تقدم في باب المعراج وباب حسنه .

الرابعة والعشرون .

وبغطه عند بدء الوحي كما نقله الحافظ في الفتح عن بعضهم .

الخامسة والعشرون .

وبرؤيته صلى الله عليه وسلم جبريل في صورته التي خلق عليها قلت : وقع ذلك مرتين ، الأولى : ليلة الإسراء ، والثانية : وهو بمكة ، وتقدم بيان ذلك ، والله أعلم .

السادسة والعشرون .

وبانقطاع الكهانة لمبعثه وحراسة السماء من استراق السمع والرمي بالشهب وبإحياء أبويه حتى آمنا به ، ورد ذلك في حديث جزم جماعة بوضعه ، كالحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي والشيخ ، وغيرهما بضعفه ، وألف الشيخ لذلك ثلاثة مؤلفات ، وتقدم بيان ذلك .

السابعة والعشرون .

وبوعده من العصمة من الناس ، وقال الله سبحانه وتعالى : والله يعصمك من الناس [المائدة 67] وتقدم في باب عصمته أواخر المعجزات .

الثامنة والعشرون .

وبالإسراء وما تضمنه اختراق السماوات .

التاسعة والعشرون .

وبالعلو إلى قاب قوسين . [ ص: 284 ]

الثلاثون .

ووطئه مكانا ما وطئه نبي مرسل ولا ملك مقرب وبإحياء الأنبياء له صلى الله عليه وسلم .

الحادية والثلاثون .

ولصلاته صلى الله عليه وسلم إماما بالأنبياء والملائكة .

الثانية والثلاثون .

وباطلاعه صلى الله عليه وسلم على الجنة والنار فيما ذكره البيهقي .

الثالثة والثلاثون .

وبرؤيته صلى الله عليه وسلم من آيات ربه الكبرى .

الرابعة والثلاثون .

بحفظه حتى ما زاغ البصر وما طغى .

الخامسة والثلاثون .

وبرؤيته صلى الله عليه وسلم الباري مرتين أحدهما بفؤاده والثانية في المنام ، وكلاهما في اليقظة؛ لأن رؤيته في المنام تكررت ، وتقدم بيان جميع ذلك في باب الإسراء والمعراج ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

السادسة والثلاثون .

وبالقرب .

السابعة والثلاثون .

وبالدنو .

الثامنة والثلاثون .

وبإعطاء الرضا والنور ، وتقدم بيان ذلك في أبواب المعراج .

التاسعة والثلاثون .

وبقتال الملائكة معه صلى الله عليه وسلم ولم يكونوا مع غيره إلا مددا .

الأربعون .

وبركوب البراق كما تقدم في باب المعراج قلت : وقع قتال من الملائكة في بدر وأحد خلافا لمن زعم اختصاصه ببدر فقط كما تقدم بيان ذلك في غزوة بدر وأحد .

فائدة : سئل السبكي ، عن الحكمة في قتال الملائكة مع النبي صلى الله عليه وسلم مع أن جبريل قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناحه ، فأجاب : بأن ذلك لإرادة أن يكون الفعل للنبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 285 ] وأصحابه وتكون الملائكة مددا على عادة مدد الجيوش رعاية لصورة الأسباب وسنتها التي أجراها الله في عباده ، والله سبحانه وتعالى هو فاعل الجميع .

الحادية والأربعون .

وسير الملائكة معه صلى الله عليه وسلم حيث سار خلف ظهره كما رواه الإمام أحمد وابن ماجه وصححه ابن حبان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مشى مشوا أصحابه أمامه وتركوا ظهره للملائكة .

الثانية والأربعون .

وبإتيانه الكتاب وهو صلى الله عليه وسلم أمي لا يقرأ ولا يكتب؛ قال الله تعالى : النبي الأمي [الأعراف 157] .

روى ابن أبي حاتم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فحدث بنعمة الله فقال : «إن جبريل أتاني فقال : اخرج ، فحدث بنعمة الله التي أنعم عليك» الحديث . وفيه : «ولقاني كلامه وأنا أمي وقد أوتي داود الزبور وموسى الألواح وعيسى الإنجيل» .

الثالثة والأربعون .

وبأن كتابه صلى الله عليه وسلم معجز؛ قال تعالى : قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا [الإسراء 88] وتقدم بيان ذلك في المعجزات .

الرابعة والأربعون .

وبأنه محفوظ من التبديل والتحريف على مر الدهور؛ قال الله تعالى : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [الحجر 9] وقال تعالى : وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه [فصلت 42] وقال تعالى : وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث [الإسراء 106] .

روى البيهقي عن الحسن في الآية الثانية قال : حفظه الله من الشيطان فلا يزيد فيه باطلا ولا ينقص منه حقا .

وروي أيضا عن يحيى بن أكثم قال : دخل يهودي على المأمون فدعاه المأمون إلى الإسلام فأبى ، فلما كان بعد سنة جاءنا مسلما ، فتكلم على الفقه فأحسن الكلام .

فقال له المأمون : ما كان سبب إسلامك ؟ قال : انصرفت من حضرتك ، فأحببت أن أمتحن هذه الأديان ، فعمدت إلى التوراة فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت ، فأدخلته [ ص: 286 ] البيعة ، فاشتريت مني ، وعمدت إلى الإنجيل فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت ، وأدخلتها الكنيسة فاشتريت مني ، وعمدت إلى القرآن ، فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت وأدخلتها الوراقين فتصفحوها ، فلما أن وجدوا فيها الزيادة والنقصان ، رموا بها فلم يشتروها ، فعلمت أن هذا الكتاب محفوظ فكان هذا سبب إسلامي .

قال يحيى بن أكثم : حججت تلك السنة فلقيت سفيان بن عيينة ، فذكرت له هذا الحديث . فقال لي : مصداق هذا في كتاب الله ، قلت : في أي موضع ؟ قال : في قوله تبارك وتعالى في التوراة والإنجيل بما استحفظوا من كتاب الله [المائدة 44] فجعل حفظه إليهم ، وقال في القرآن : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [الحجر 9] فحفظه الله تعالى علينا فلم يضع .

الخامسة والأربعون .

وبأنه مشتمل على ما اشتملت عليه جميع الكتب وزيادة .

روى البيهقي عن الحسن البصري قال : أنزل الله تبارك وتعالى مائة كتاب وأربعة كتب أودع علومها أربعة كتب منها التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ، وأودع علوم التوراة والإنجيل والزبور في القرآن .

السادسة والأربعون .

وبأنه جامع لكل شيء ، قال الله تعالى : ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء [النحل 89] وقال تعالى : ما فرطنا في الكتاب من شيء [الأنعام 38] .

روى سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : من أراد العلم فعليه بالقرآن ، فإن فيه خبر الأولين والآخرين وأنزل فيه كل علم ، وبين لنا فيه كل شيء ولكن علمنا يقصر عما بين لنا في القرآن .

السابعة والأربعون .

وبأنه مستغن عن غيره .

أخرج الترمذي والدارمي وغيرهما من طريق الحارث الأعور عن علي : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «كتاب الله ، فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وهو الحبل المتين ، وهو الذكر الحكيم ، حكم ما بينكم ، وهو الفصل ليس بالهزل ، ما تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله ، وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن . [ ص: 287 ]

ولا تشبع منه العلماء ، ولا يخلق عن كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه ، ومن عمل به أجر ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط المستقيم .

الثامنة والأربعون .

وبأنه ميسر للحفظ ، قال الله سبحانه وتعالى : ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر [القمر 17] .

التاسعة والأربعون .

وبأنه نزل منجما قال الله سبحانه وتعالى : فلا أقسم بمواقع النجوم [الواقعة 75] .

روى ابن أبي شيبة والبيهقي والحاكم من طريق سعيد بن جبير ، والنسائي والحاكم والبيهقي من طريق عكرمة بأسانيد صحيحة وابن مردويه والبيهقي من طريق مقسم ، كلهم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : فصل الله القرآن من الذكر وأنزله في ليلة القدر جملة واحدة فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا ، وكان الله تعالى ينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم على مواقع النجوم رسلا في الشهور والأعوام ، بعضه إثر بعض بجواب كلام العباد وأفعالهم وأعمالهم ، كلما أحدثوا شيئا أحدث الله لهم جوابا . قال أبو شامة ، قوله : «رسلا» أي رفقا ، وعلى مواقع النجوم : أي على مثل مساقطها ، يريد أنه أنزل مفرقا يتلو بعضه بعضا على تؤدة ورفق .

وقال العلماء : في نزوله إلى السماء جملة تكريم بني آدم وتعظيم شأنهم عند الملائكة وتعريفهم عناية الله تعالى ورحمته لهم ، [ولهذا المعنى أمر سبعين ألفا من الملائكة أن تشيع سورة الأنعام] ، وإن هذا آخر الكتب المنزلة على خاتم الرسل لأشرف الأمم قد قربناه إليهم لننزله عليهم ، وفيه التسوية بين موسى ونبينا صلى الله عليهما وسلم في إنزال كتابه جملة ، والتفضيل لمحمد في إنزاله عليه منجما ليحفظه . قال أبو شامة : فإن قيل : ما السر في نزوله منجما ؟ وهلا نزل كسائر الكتب جملة واحدة! قلنا : هذا سؤال قد تولى الله جوابه ، فقال تعالى : وقال الذين كفروا : لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة [الفرقان 32] يعنون كما أنزل على من قبله من الرسل ، فأجابهم تعالى بقوله : كذلك أي أنزلناه كذلك مفرقا لنثبت به فؤادك [الفرقان 32] أي لنقوي به قلبك ، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليهم ، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملائكة إليه ، وتجدد العهد به ، وما معه من الرسالة الواردة من ذلك الكتاب العزيز ، فيحدث له من السرور ما [ ص: 288 ] تقصر عنه العبارة ، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان ، لكثرة لقائه جبريل .

وقيل : معنى لنثبت به فؤادك أي : لنحفظه؛ فإنه عليه الصلاة والسلام كان أميا لا يقرأ ولا يكتب ، ففرق عليه ليثبت عنده حفظه بخلاف غيره من الأنبياء ، فإنه كان كاتبا قارئا فيمكنه حفظ الجميع .

وقال غيره : إنما لم ينزل جملة واحدة؛ لأن منه الناسخ والمنسوخ ولا يتأتى ذلك إلا فيما أنزل مفرقا ، ومنه ما هو جواب لسؤال ، وما هو إنكار على قول قيل ، أو فعل فعل ، وقد تقدم ذلك في قول ابن عباس ، ونزله جبريل بجواب كلام العباد وأعمالهم ، وفسر به قوله تعالى : ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا [الفرقان 33] رواه عنه ابن أبي حاتم .

فالحاصل أن الآية تضمنت حكمتين لإنزاله مفرقا .

التالي السابق


الخدمات العلمية