سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
تنبيهات

الأول : قوله : «إن الله قد اشتاق إلى لقائك» معناه : قد أراد لقاءك بأن يردك من دنياك إلى معادك . زيادة في قربك وكرامتك .

الثاني : روى البيهقي وأبو نعيم من طريق الواقدي عن شيوخه : شكوا في النبي- صلى الله عليه وسلم- قال بعضهم : مات وقال بعضهم : لم يمت ، فوضعت أسماء بنت عميس يدها بين كتفي النبي- صلى الله عليه وسلم- فقالت قد رفع الخاتم من بين كتفيه فكان هذا عرف بعد موت النبي- صلى الله عليه وسلم- ورواه ابن سعد عن الواقدي حدثني القاسم بن إسحاق عن أمه عن أبيها القاسم بن محمد بن أبي بكر أو عن أم معاوية أنه لما شك فذكره .

قال ابن كثير : والواقدي ضعيف وشيوخه لم يسمون ، ثم هو منقطع بكل حال ومخالف لما صح ، وفيه غرابة شديدة .

قلت : وذكر في «الزهر» أن الحاكم رواه في تاريخ نيسابور عن عائشة فطلبت التاريخ [ ص: 267 ] لأنظر سنده فرأيت منه مجلدات فمررت عليه فلم أر ذلك فيه فليحرر حاله فإنه كثيرا ما يسأل عن ذلك .

الثالث : اشتهر على الألسنة أن جبريل لا ينزل إلى الأرض بعد موت النبي- صلى الله عليه وسلم- .

قال الشيخ في «فتاويه» وهذا شيء لا أصل له ، ومن الدليل على بطلانه ما رواه الطبراني عن ميمونة بنت سعد قالت : قلت : يا رسول الله هل يرقد الجنب قال : «ما أحب أن يرقد حتى يتوضأ فإني أخاف أن يتوفى فلا يجهزه جبريل» .

وما رواه أيضا نعيم بن حماد [في كتاب الفتن والطبراني ] من حديث ابن مسعود عن النبي- صلى الله عليه وسلم- في وصف الدجال قال : «فيمر بمكة فإذا هو بخلق عظيم فيقول : من أنت ؟ فيقول : أنا ميكائيل بعثني الله لأمنعه من حرمه [ويمر بالمدينة فإذا هو بخلق عظيم فيقول : من أنت ؟ فيقول : أنا جبريل بعثني الله لأمنعه من حرمه] .

وقال الضحاك : في قوله تعالى : تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم [القدر 4] إن الروح هنا جبريل ، وإنه ينزل مع الملائكة في ليلة القدر ، ويسلمون على المسلمين في كل سنة .

الرابع : قول السيدة عائشة «ألتدم» .

قال السهيلي وغيره : الالتدام : ضرب الخد باليد ، واللادم : المرأة التي تلدم والجمع : اللدم بتحريك الدال وقد لدمت المرأة تلدم لدما ولم يدخل هذا في التحريم ، لأن التحريم إنما وقع على الصراخ والنوح ، ولعنت الخارقة والحالقة والصالقة- وهي الرافعة لصوتها- ولم يذكر اللدم لكنه وإن لم يذكر فإنه مكروه في حال المصيبة ، وتركه أحمد إلا على أحمد- صلى الله عليه وسلم- :


فالصبر يحمد في المصائب كلها إلا عليك فإنه مذموم     وقد كان يدعى لابس الصبر حازما
فأصبح يدعى حازما حين يجزع

وهذا الحديث تفرد به ابن إسحاق ، وهو حسن الحديث إذا صرح بالتحدث ، وقد صرح به فقال : حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال : سمعت عائشة إلخ .

وقول السهيلي : إنه لا يدخل في التحريم خلاف الصحيح .

الخامس : في بيان غريب ما سبق

«سجيته» : بسين مهملة مفتوحة فجيم : غطيت سائر بدنه . [ ص: 268 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية