فصل 
ومن بر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وتوقيره بر آله وذريته وأزواجه وأمهات المؤمنين- رضي الله تعالى عنهم أجمعين- . 
روى 
 nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير  عن 
يزيد بن حبان ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم-  رضي الله تعالى عنه- قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=661433قام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خطيبا بما يدعى حمى بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ، ثم قال : أما بعد ، أيها الناس ، إني أنتظر أن يأتيني رسول ربي فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين ، أحدهما : كتاب الله ، فيه الهدى والصدق ، فاستمسكوا بكتاب الله . 
ثم قال : وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، ثلاث مرات ، فقيل لزيد : ومن أهل بيته ؟ أليس نساؤه من أهل بيته ؟ فقال زيد : إن نساءه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة [بعده ، فقيل : ومن هم ؟ قال : هم آل العباس وآل جعفر وآل عقيل ، قيل : أكل هؤلاء يحرم الصدقة عليهم] ؟ قال : نعم . 
ورواه أيضا عنه بلفظ : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=711984«إنما أنا بشر ، أوشك أن أدعى فأجيب ، ألا وإني تارك فيكم  [ ص: 397 ] الثقلين ، أحدهما : كتاب الله ، حبل ممدود ، من اتبعه كان على الهدى ، ومن تركه كان على الضلالة ، وأهل بيتي : أذكركم الله في أهل بيتي ، ثلاث مرات . 
ورواه أيضا عنه بلفظ : 
«أنشدكم الله في أهل بيتي مرتين  . 
وروي عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=5842عمر بن أبي سلمة  ربيب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- 
nindex.php?page=hadith&LINKID=665499 [لما نزلت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا  - وذلك في بيت أم سلمة- دعا فاطمة وحسنا وحسينا ، فجللهم بكساء ، وعلي خلف ظهره فجلله بكسائه ، ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس ، وطهرهم تطهيرا] 
وقد تقدم في أبواب ما يجب على الأنام كثير من ذلك . 
قال بعض العلماء : معرفتهم ، وهي معرفة بمكانهم من النبي- صلى الله عليه وسلم- ، وإذا عرفهم بذلك ، عرف وجوب حقهم وحرمتهم بسببه . 
وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي  وحسنه عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر   - رضي الله تعالى عنه- أن عمر- رضي الله تعالى عنه- فرض لأسامة في ثلاثة آلاف وخمسمائة ، وفرض لعبد الله بن عمر في ثلاثة آلاف ، فقال عبد الله لأبيه : لما فضلت أسامة علي ؟ فو الله ما سبقني إلى مشهد قال : لأن زيدا كان أحب إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من أبيك ، وكان 
أسامة أحب إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- منك ، فآثرت حب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على حبي  . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي   : دخلت 
بنت أسامة  على 
 nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ،  ومعها مولى لها يقودها يمسك بيدها ، فقام إليها عمر ومشى إليها ، وجعل يدها بين يديه ، ويداه في ثيابه ، وأجلسها في مجلسه ، وجلس بين يديها ، وما ترك لها حاجة إلا قضاها  . 
ومنها : أن 
يجتنب الزائر لمس جدار المسجد ، وتقبيله ، والطواف به ، والصلاة عليه . 
قال الإمام 
النووي   : لا يجوز أن 
يطاف بقبره- صلى الله عليه وسلم- ويكره إلصاق البطن والظهر بجدار قبره ، قاله الحلبي وغيره . 
قال : ويكره مسحه باليد وتقبيله ، بل الأدب أن يبعد عنه ، كما يبعد عنه لو حضر في حياته ، هذا هو الصواب الذي قاله العلماء وأطبقوا عليه ، ومن خطر بباله أن المسح باليد ونحوه أبلغ في البركة فهو من جهالته وغفلته؛ لأن البركة إنما هي فيما وافق الشرع وأقوال العلماء ، انتهى .  
[ ص: 398 ] 
وفي «الإحياء» : مس المشاهد وتقبيلها عادة النصارى واليهود . 
وقال 
الأقفهسي   : قال 
الزعفراني   - في كتابه : 
وضع اليد على القبر ومسه وتقبيله من البدع التي تنكر شرعا . 
وروي أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك   - رضي الله تعالى عنه- رأى رجلا وضع يده على قبر النبي- صلى الله عليه وسلم- فنهاه ، وقال : وما كنا نعرف هذا» أي الدنو منه] وذكر غير واحد نحو ذلك ، وفي كتاب العلل والسؤالات 
لعبد الله ابن الإمام أحمد ،  عن أبيه رواية 
أبي علي الصوان  قال عبد الله : سألت أبي عن الرجل 
يمس منبر النبي- صلى الله عليه وسلم- ويتبرك بمسه ، ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك ، رجاء ثواب الله عز وجل قال : لا بأس . 
وروى الإمام 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد-  بسند حسن- ، 
وأبو الحسن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبد الله الخشني  في «أخبار المدينة» عن 
داود بن أبي صالح  قال : أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر ، فأخذ مروان برقبته ثم قال : هل تدري ما تصنع ؟ فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب ، فقال : نعم ، إني لم آت الحجرات ، إنما جئت النبي- صلى الله عليه وسلم- 
سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول : « 
nindex.php?page=hadith&LINKID=907258لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله » . 
قال 
المطلب :  وذلك 
 nindex.php?page=showalam&ids=50أبو أيوب الأنصاري ،  وتقدم في باب أدلة الزيارة ، أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر  روى بسند جيد أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=115بلالا   - رضي الله تعالى عنه- لما قدم من 
الشام  لزيارة النبي- صلى الله عليه وسلم- أتى القبر ، فجعل يبكي ويمرغ وجهه عليه . 
وذكر 
الخطيب ابن جملة ،  أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر   - رضي الله تعالى عنهما- كان يضع يده اليمنى على القبر الشريف ، وأن بلالا وضع خده عليه أيضا- رضي الله تعالى عنه- . 
قال : ولا شك أن الاستغراق في المحبة يحمل على الإذن في ذلك ، والمقصود من ذلك كله الاحترام والتعظيم ، والناس يختلف مراتبهم في ذلك ، كما كانت تختلف في حياته ، فأناس حين يرونه لا يملكون أنفسهم ، بل يبادرون إليه ، وأناس فيهم أناة يتأخرون ، والكل محل خير . 
وقال الحافظ : استنبط بعضهم من مشروعية 
تقبيل الحجر الأسود جواز 
تقبيل كل من يستحق التعظيم من آدمي وغيره  . 
فأما الآدمي فسبق في الأدب . 
وأما غيره فنقل عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ،  أنه سئل عن 
تقبيل منبر النبي- صلى الله عليه وسلم- وقبره فلم ير به بأسا ، واستبعد بعض أتباعه صحته عنه ، قلت : نقل ذلك عنه ابنه 
عبد الله  كما تقدم .  
[ ص: 399 ] 
ونقل عن 
ابن أبي الصيف اليمني  أحد علماء 
مكة  من الشافعية جواز 
تقبيل المصحف ، وأجزاء الحديث ، وقبور الصالحين . انتهى كلام الحافظ . 
ونقل 
الطيب الناشري  عن 
المحب الطبري ،  أنه يجوز 
تقبيل الحجر ومسه ، قال : وعليه عمل العلماء الصالحين ، وينشد : 
أمر على الديار ديار ليلى أقبل ذا الجدار وذا الجدارا     وما حب الديار شغفن قلبي 
ولكن حب من سكن الديارا 
ومنها اجتناب 
الانحناء للقبر عند التسليم ، وهو من البدع ، ويظن من لا علم له أنه من شعار التعظيم ، وأقبح منه تقبيل الأرض ، لم يفعله السلف الصالح ، والخير كله في اتباعهم ، ومن خطر بباله أن تقبيل الأرض أبلغ في البركة فهو من جهالته وغفلته؛ لأن البركة إنما هي فيما وافق الشرع وأقوال السلف وعملهم . 
قال 
ابن جماعة :  وليس عجبي ممن جهل ذلك فارتكبه ، بل عجبي ممن أفتى بتحسين ذلك مع علمه بقبحه ومخالفته لعمل السلف .