فصل
ومن بر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وتوقيره بر آله وذريته وأزواجه وأمهات المؤمنين- رضي الله تعالى عنهم أجمعين- .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
يزيد بن حبان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم- رضي الله تعالى عنه- قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=661433قام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خطيبا بما يدعى حمى بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ، ثم قال : أما بعد ، أيها الناس ، إني أنتظر أن يأتيني رسول ربي فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين ، أحدهما : كتاب الله ، فيه الهدى والصدق ، فاستمسكوا بكتاب الله .
ثم قال : وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، ثلاث مرات ، فقيل لزيد : ومن أهل بيته ؟ أليس نساؤه من أهل بيته ؟ فقال زيد : إن نساءه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة [بعده ، فقيل : ومن هم ؟ قال : هم آل العباس وآل جعفر وآل عقيل ، قيل : أكل هؤلاء يحرم الصدقة عليهم] ؟ قال : نعم .
ورواه أيضا عنه بلفظ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=711984«إنما أنا بشر ، أوشك أن أدعى فأجيب ، ألا وإني تارك فيكم [ ص: 397 ] الثقلين ، أحدهما : كتاب الله ، حبل ممدود ، من اتبعه كان على الهدى ، ومن تركه كان على الضلالة ، وأهل بيتي : أذكركم الله في أهل بيتي ، ثلاث مرات .
ورواه أيضا عنه بلفظ :
«أنشدكم الله في أهل بيتي مرتين .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=5842عمر بن أبي سلمة ربيب رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
nindex.php?page=hadith&LINKID=665499 [لما نزلت nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا - وذلك في بيت أم سلمة- دعا فاطمة وحسنا وحسينا ، فجللهم بكساء ، وعلي خلف ظهره فجلله بكسائه ، ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس ، وطهرهم تطهيرا]
وقد تقدم في أبواب ما يجب على الأنام كثير من ذلك .
قال بعض العلماء : معرفتهم ، وهي معرفة بمكانهم من النبي- صلى الله عليه وسلم- ، وإذا عرفهم بذلك ، عرف وجوب حقهم وحرمتهم بسببه .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي وحسنه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله تعالى عنه- أن عمر- رضي الله تعالى عنه- فرض لأسامة في ثلاثة آلاف وخمسمائة ، وفرض لعبد الله بن عمر في ثلاثة آلاف ، فقال عبد الله لأبيه : لما فضلت أسامة علي ؟ فو الله ما سبقني إلى مشهد قال : لأن زيدا كان أحب إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من أبيك ، وكان
nindex.php?page=treesubj&link=31412_31520أسامة أحب إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- منك ، فآثرت حب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على حبي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : دخلت
بنت أسامة على
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ، ومعها مولى لها يقودها يمسك بيدها ، فقام إليها عمر ومشى إليها ، وجعل يدها بين يديه ، ويداه في ثيابه ، وأجلسها في مجلسه ، وجلس بين يديها ، وما ترك لها حاجة إلا قضاها .
ومنها : أن
nindex.php?page=treesubj&link=3936يجتنب الزائر لمس جدار المسجد ، وتقبيله ، والطواف به ، والصلاة عليه .
قال الإمام
النووي : لا يجوز أن
nindex.php?page=treesubj&link=3933يطاف بقبره- صلى الله عليه وسلم- ويكره إلصاق البطن والظهر بجدار قبره ، قاله الحلبي وغيره .
قال : ويكره مسحه باليد وتقبيله ، بل الأدب أن يبعد عنه ، كما يبعد عنه لو حضر في حياته ، هذا هو الصواب الذي قاله العلماء وأطبقوا عليه ، ومن خطر بباله أن المسح باليد ونحوه أبلغ في البركة فهو من جهالته وغفلته؛ لأن البركة إنما هي فيما وافق الشرع وأقوال العلماء ، انتهى .
[ ص: 398 ]
وفي «الإحياء» : مس المشاهد وتقبيلها عادة النصارى واليهود .
وقال
الأقفهسي : قال
الزعفراني - في كتابه :
nindex.php?page=treesubj&link=3936وضع اليد على القبر ومسه وتقبيله من البدع التي تنكر شرعا .
وروي أن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك - رضي الله تعالى عنه- رأى رجلا وضع يده على قبر النبي- صلى الله عليه وسلم- فنهاه ، وقال : وما كنا نعرف هذا» أي الدنو منه] وذكر غير واحد نحو ذلك ، وفي كتاب العلل والسؤالات
لعبد الله ابن الإمام أحمد ، عن أبيه رواية
أبي علي الصوان قال عبد الله : سألت أبي عن الرجل
nindex.php?page=treesubj&link=3932_3936يمس منبر النبي- صلى الله عليه وسلم- ويتبرك بمسه ، ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك ، رجاء ثواب الله عز وجل قال : لا بأس .
وروى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد- بسند حسن- ،
وأبو الحسن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبد الله الخشني في «أخبار المدينة» عن
داود بن أبي صالح قال : أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر ، فأخذ مروان برقبته ثم قال : هل تدري ما تصنع ؟ فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب ، فقال : نعم ، إني لم آت الحجرات ، إنما جئت النبي- صلى الله عليه وسلم-
سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول : «
nindex.php?page=hadith&LINKID=907258لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله » .
قال
المطلب : وذلك
nindex.php?page=showalam&ids=50أبو أيوب الأنصاري ، وتقدم في باب أدلة الزيارة ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر روى بسند جيد أن
nindex.php?page=showalam&ids=115بلالا - رضي الله تعالى عنه- لما قدم من
الشام لزيارة النبي- صلى الله عليه وسلم- أتى القبر ، فجعل يبكي ويمرغ وجهه عليه .
وذكر
الخطيب ابن جملة ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- كان يضع يده اليمنى على القبر الشريف ، وأن بلالا وضع خده عليه أيضا- رضي الله تعالى عنه- .
قال : ولا شك أن الاستغراق في المحبة يحمل على الإذن في ذلك ، والمقصود من ذلك كله الاحترام والتعظيم ، والناس يختلف مراتبهم في ذلك ، كما كانت تختلف في حياته ، فأناس حين يرونه لا يملكون أنفسهم ، بل يبادرون إليه ، وأناس فيهم أناة يتأخرون ، والكل محل خير .
وقال الحافظ : استنبط بعضهم من مشروعية
nindex.php?page=treesubj&link=3543تقبيل الحجر الأسود جواز
nindex.php?page=treesubj&link=18157تقبيل كل من يستحق التعظيم من آدمي وغيره .
فأما الآدمي فسبق في الأدب .
وأما غيره فنقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، أنه سئل عن
nindex.php?page=treesubj&link=28699_3936تقبيل منبر النبي- صلى الله عليه وسلم- وقبره فلم ير به بأسا ، واستبعد بعض أتباعه صحته عنه ، قلت : نقل ذلك عنه ابنه
عبد الله كما تقدم .
[ ص: 399 ]
ونقل عن
ابن أبي الصيف اليمني أحد علماء
مكة من الشافعية جواز
nindex.php?page=treesubj&link=18664تقبيل المصحف ، وأجزاء الحديث ، وقبور الصالحين . انتهى كلام الحافظ .
ونقل
الطيب الناشري عن
المحب الطبري ، أنه يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=3543تقبيل الحجر ومسه ، قال : وعليه عمل العلماء الصالحين ، وينشد :
أمر على الديار ديار ليلى أقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار شغفن قلبي
ولكن حب من سكن الديارا
ومنها اجتناب
nindex.php?page=treesubj&link=3933الانحناء للقبر عند التسليم ، وهو من البدع ، ويظن من لا علم له أنه من شعار التعظيم ، وأقبح منه تقبيل الأرض ، لم يفعله السلف الصالح ، والخير كله في اتباعهم ، ومن خطر بباله أن تقبيل الأرض أبلغ في البركة فهو من جهالته وغفلته؛ لأن البركة إنما هي فيما وافق الشرع وأقوال السلف وعملهم .
قال
ابن جماعة : وليس عجبي ممن جهل ذلك فارتكبه ، بل عجبي ممن أفتى بتحسين ذلك مع علمه بقبحه ومخالفته لعمل السلف .
فَصْلٌ
وَمِنْ بِرِّ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَوْقِيرِهِ بِرُّ آلِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ- .
رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ
يَزِيدَ بْنِ حِبَّانَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=68زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=661433قَامَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطِيبًا بِمَا يُدْعَى حِمًى بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنِّي أَنْتَظِرُ أَنْ يَأْتِيَنِي رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبُ ، وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ ، أَحَدُهُمَا : كِتَابُ اللَّهِ ، فِيهِ الْهُدَى وَالصِّدْقُ ، فَاسْتَمْسِكُوا بِكِتَابِ اللَّهِ .
ثُمَّ قَالَ : وَأَهْلُ بَيْتِي ، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، فَقِيلَ لِزَيْدٍ : وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ ؟ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ؟ فَقَالَ زَيْدٌ : إِنَّ نِسَاءَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَلَكِنَّ أَهْلَ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ [بَعْدَهُ ، فَقِيلَ : وَمَنْ هُمْ ؟ قَالَ : هُمْ آلُ الْعَبَّاسِ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَقِيلٍ ، قِيلَ : أَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَحْرُمُ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ] ؟ قَالَ : نَعَمْ .
وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْهُ بِلَفْظِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=711984«إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، أُوشِكُ أَنْ أُدْعَى فَأُجِيبَ ، أَلَا وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ [ ص: 397 ] الثَّقَلَيْنِ ، أَحَدُهُمَا : كِتَابُ اللَّهِ ، حَبْلٌ مَمْدُودٌ ، مَنِ اتَّبَعَهُ كَانَ عَلَى الْهُدَى ، وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ عَلَى الضَّلَالَةِ ، وَأَهْلُ بَيْتِي : أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْهُ بِلَفْظِ :
«أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي مَرَّتَيْنِ .
وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=5842عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ رَبِيبِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
nindex.php?page=hadith&LINKID=665499 [لَمَّا نَزَلَتْ nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا - وَذَلِكَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ- دَعَا فَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا ، فَجَلَّلَهُمْ بِكِسَاءٍ ، وَعَلِيٌّ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَجَلَّلَهُ بِكِسَائِهِ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي ، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ ، وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا]
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ مَا يَجِبُ عَلَى الْأَنَامِ كَثِيرٌ مِنْ ذَلِكَ .
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : مَعْرِفَتُهُمْ ، وَهِيَ مَعْرِفَةٌ بِمَكَانِهِمْ مِنَ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، وَإِذَا عَرَفَهُمْ بِذَلِكَ ، عَرَفَ وُجُوبَ حَقِّهِمْ وَحُرْمَتِهِمْ بِسَبَبِهِ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- أَنَّ عُمَرَ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- فَرَضَ لِأُسَامَةَ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَخَمْسِمِائَةٍ ، وَفَرَضَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لِأَبِيهِ : لِمَا فَضَّلْتَ أُسَامَةَ عَلَيَّ ؟ فَوَ اللَّهِ مَا سَبَقَنِي إِلَى مَشْهَدٍ قَالَ : لِأَنَّ زَيْدًا كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَبِيكَ ، وَكَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=31412_31520أُسَامَةُ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْكَ ، فَآثَرْتُ حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى حُبِّي .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيُّ : دَخَلَتْ
بِنْتُ أُسَامَةَ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَمَعَهَا مَوْلًى لَهَا يَقُودُهَا يُمْسِكُ بِيَدِهَا ، فَقَامَ إِلَيْهَا عُمَرُ وَمَشَى إِلَيْهَا ، وَجَعَلَ يَدَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَيَدَاهُ فِي ثِيَابِهِ ، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ ، وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهَا ، وَمَا تَرَكَ لَهَا حَاجَةً إِلَّا قَضَاهَا .
وَمِنْهَا : أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3936يَجْتَنِبَ الزَّائِرُ لَمْسَ جِدَارِ الْمَسْجِدِ ، وَتَقْبِيلَهُ ، وَالطَّوَافَ بِهِ ، وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ .
قَالَ الْإِمَامُ
النَّوَوِيُّ : لَا يَجُوزُ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3933يُطَافَ بِقَبْرِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيُكْرَهُ إِلْصَاقُ الْبَطْنِ وَالظَّهْرِ بِجِدَارِ قَبْرِهِ ، قَالَهُ الْحَلَبِيُّ وَغَيْرُهُ .
قَالَ : وَيُكْرَهُ مَسْحُهُ بِالْيَدِ وَتَقْبِيلُهُ ، بَلِ الْأَدَبُ أَنْ يَبْعُدَ عَنْهُ ، كَمَا يَبْعُدُ عَنْهُ لَوْ حَضَرَ فِي حَيَاتِهِ ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ وَأَطْبَقُوا عَلَيْهِ ، وَمَنْ خَطَرَ بِبَالِهِ أَنَّ الْمَسْحَ بِالْيَدِ وَنَحْوِهِ أَبْلَغُ فِي الْبَرَكَةِ فَهُوَ مِنْ جَهَالَتِهِ وَغَفْلَتِهِ؛ لِأَنَّ الْبَرَكَةَ إِنَّمَا هِيَ فِيمَا وَافَقَ الشَّرْعَ وَأَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ ، انْتَهَى .
[ ص: 398 ]
وَفِي «الْإِحْيَاءِ» : مَسُّ الْمُشَاهِدِ وَتَقْبِيلُهَا عَادَةُ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ .
وَقَالَ
الْأَقْفَهْسِيُّ : قَالَ
الزَّعْفَرَانِيُّ - فِي كِتَابِهِ :
nindex.php?page=treesubj&link=3936وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْقَبْرِ وَمَسُّهُ وَتَقْبِيلُهُ مِنَ الْبِدَعِ الَّتِي تُنْكَرُ شَرْعًا .
وَرُوِيَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- رَأَى رَجُلًا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَهَاهُ ، وَقَالَ : وَمَا كُنَّا نَعْرِفُ هَذَا» أَيِ الدُّنُوُّ مِنْهُ] وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ نَحْوَ ذَلِكَ ، وَفِي كِتَابِ الْعِلَلِ وَالسُّؤَالَاتِ
لِعَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، عَنْ أَبِيهِ رِوَايَةُ
أَبِي عَلِيٍّ الصَّوَّانِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : سَأَلْتُ أَبِي عَنِ الرَّجُلِ
nindex.php?page=treesubj&link=3932_3936يَمَسُّ مِنْبَرَ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَتَبَرَّكُ بِمَسِّهِ ، وَيُقَبِّلُهُ وَيَفْعَلُ بِالْقَبْرِ مِثْلَ ذَلِكَ ، رَجَاءَ ثَوَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : لَا بَأْسَ .
وَرَوَى الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ- بِسَنَدٍ حَسَنٍ- ،
وَأَبُو الْحَسَنِ يَحْيَى بْنُ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخُشَنِيُّ فِي «أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ» عَنْ
دَاوُدَ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ : أَقْبَلَ مَرْوَانُ يَوْمًا فَوَجَدَ رَجُلًا وَاضِعًا وَجْهَهُ عَلَى الْقَبْرِ ، فَأَخَذَ مَرْوَانُ بِرَقَبَتِهِ ثُمَّ قَالَ : هَلْ تَدْرِي مَا تَصْنَعُ ؟ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ أَبُو أَيُّوبَ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، إِنِّي لَمْ آتِ الْحُجُرَاتِ ، إِنَّمَا جِئْتُ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ : «
nindex.php?page=hadith&LINKID=907258لَا تَبْكُوا عَلَى الدِّينِ إِذَا وَلِيَهُ أَهْلُهُ ، وَلَكِنِ ابْكُوا عَلَيْهِ إِذَا وَلِيَهُ غَيْرُ أَهْلِهِ » .
قَالَ
الْمُطَّلِبُ : وَذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=50أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ أَدِلَّةِ الزِّيَارَةِ ، أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنَ عَسَاكِرَ رَوَى بِسَنَدٍ جَيِّدٍ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=115بِلَالًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- لَمَّا قَدِمَ مِنَ
الشَّامِ لِزِيَارَةِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَى الْقَبْرَ ، فَجَعَلَ يَبْكِي وَيُمَرِّغُ وَجْهَهُ عَلَيْهِ .
وَذَكَرَ
الْخَطِيبُ ابْنُ جُمْلَةَ ، أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا- كَانَ يَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْقَبْرِ الشَّرِيفِ ، وَأَنَّ بِلَالًا وَضَعَ خَدَّهُ عَلَيْهِ أَيْضًا- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- .
قَالَ : وَلَا شَكَّ أَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ فِي الْمَحَبَّةِ يُحْمَلُ عَلَى الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ الِاحْتِرَامُ وَالتَّعْظِيمُ ، وَالنَّاسُ يَخْتَلِفُ مَرَاتِبُهُمْ فِي ذَلِكَ ، كَمَا كَانَتْ تَخْتَلِفُ فِي حَيَاتِهِ ، فَأُنَاسٌ حِينَ يَرَوْنَهُ لَا يَمْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ ، بَلْ يُبَادِرُونَ إِلَيْهِ ، وَأُنَاسٌ فِيهِمْ أَنَاةٌ يَتَأَخَّرُونَ ، وَالْكُلُّ مَحَلُّ خَيْرٍ .
وَقَالَ الْحَافِظُ : اسْتَنْبَطَ بَعْضُهُمْ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ
nindex.php?page=treesubj&link=3543تَقْبِيلِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ جَوَازَ
nindex.php?page=treesubj&link=18157تَقْبِيلِ كُلِّ مَنْ يَسْتَحِقُّ التَّعْظِيمَ مِنْ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ .
فَأَمَّا الْآدَمِيُّ فَسَبَقَ فِي الْأَدَبِ .
وَأَمَّا غَيْرُهُ فَنُقِلَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28699_3936تَقْبِيلِ مِنْبَرِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَبْرِهِ فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا ، وَاسْتَبْعَدَ بَعْضُ أَتْبَاعِهِ صِحَّتَهُ عَنْهُ ، قُلْتُ : نَقَلَ ذَلِكَ عَنْهُ ابْنُهُ
عَبْدُ اللَّهِ كَمَا تَقَدَّمَ .
[ ص: 399 ]
وَنُقِلَ عَنِ
ابْنِ أَبِي الصَّيْفِ الْيَمَنِيِّ أَحَدِ عُلَمَاءِ
مَكَّةَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ جَوَازُ
nindex.php?page=treesubj&link=18664تَقْبِيلِ الْمُصْحَفِ ، وَأَجْزَاءِ الْحَدِيثِ ، وَقُبُورِ الصَّالِحِينَ . انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ .
وَنَقَلَ
الطَّيِّبُ النَّاشِرِيُّ عَنِ
الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ ، أَنَّهُ يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=3543تَقْبِيلُ الْحَجَرِ وَمَسُّهُ ، قَالَ : وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْعُلَمَاءِ الصَّالِحِينَ ، وَيُنْشِدُ :
أَمُرُّ عَلَى الدِّيَارِ دِيَارِ لَيْلَى أُقَبِّلُ ذَا الْجِدَارَ وَذَا الْجِدَارَا وَمَا حُبُّ الدِّيَارِ شَغَفْنَ قَلْبِي
وَلَكِنْ حُبُّ مَنْ سَكَنَ الدِّيَارَا
وَمِنْهَا اجْتِنَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=3933الِانْحِنَاءِ لِلْقَبْرِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ ، وَهُوَ مِنَ الْبِدَعِ ، وَيَظُنُّ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ أَنَّهُ مِنْ شِعَارِ التَّعْظِيمِ ، وَأَقْبَحُ مِنْهُ تَقْبِيلُ الْأَرْضِ ، لَمْ يَفْعَلْهُ السَّلَفُ الصَّالِحُ ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي اتِّبَاعِهِمْ ، وَمَنْ خَطَرَ بِبَالِهِ أَنَّ تَقْبِيلَ الْأَرْضِ أَبْلَغُ فِي الْبَرَكَةِ فَهُوَ مِنْ جَهَالَتِهِ وَغَفْلَتِهِ؛ لِأَنَّ الْبَرَكَةَ إِنَّمَا هِيَ فِيمَا وَافَقَ الشَّرْعَ وَأَقْوَالَ السَّلَفِ وَعَمَلَهُمْ .
قَالَ
ابْنُ جَمَاعَةَ : وَلَيْسَ عَجَبِي مِمَّنْ جَهِلَ ذَلِكَ فَارْتَكَبَهُ ، بَلْ عَجَبِي مِمَّنْ أَفْتَى بِتَحْسِينِ ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ بِقُبْحِهِ وَمُخَالَفَتِهِ لِعَمَلِ السَّلَفِ .