سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر ما جاء في حضور الملائكة وقتالهم يوم أحد

روى أبو داود الطيالسي والشيخان عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بيض يقاتلان عنه كأشد القتال ، وما رأيتهما قبل ولا بعد ، يعني جبريل وميكائيل . ورواه البيهقي . ثم روى مجاهد ، قال : لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر قال البيهقي : مراده لم يقاتلوا يوم أحد عن القوم حين عصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يصبروا على ما أمرهم به .

روى محمد بن عمر عن شيوخه في قوله تعالى : بلى إن تصبروا وتتقوا الآية لم يصبروا وانكشفوا فلم يمدوا .

وروي أيضا عنهم قالوا : قتل مصعب بن عمير فأخذ اللواء ملك في صورة مصعب ، وحضرت الملائكة يومئذ ولم تقاتل .

وروى الطبراني وابن منده وابن عساكر من طريق محمود بن لبيد ، قال الحارث بن الصمة : سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو في الشعب عن عبد الرحمن بن عوف ، فقلت : رأيته إلى جنب الجبل ، فقال : «إن الملائكة تقاتل معه » . قال الحارث : فرجعت إلى عبد الرحمن فوجدت بين يديه سبعة صرعى ، فقلت : ظفرت يمينك ، أكل هؤلاء قتلت ؟ قال : «أما هذا وهذا فأنا قتلتهما ، وأما هؤلاء فقتلهم من لم أره » . فقلت : صدق الله ورسوله .

وروى ابن سعد عن عبد الله بن الفضل بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن [ ص: 206 ] عبد المطلب ، قال : أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد مصعب بن عمير اللواء فقتل مصعب ، فأخذه ملك في صورة مصعب فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «تقدم يا مصعب » . فالتفت إليه الملك فقال : لست بمصعب ، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ملك أيد به .

وقال ابن أبي شيبة في المصنف : حدثنا زيد بن الحباب عن موسى بن عبيدة : حدثني محمد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد : أقدم يا مصعب ، فقال له عبد الرحمن بن عوف : يا رسول الله ألم يقتل مصعب ؟ قال : «بلى ، ولكن ملك قام مكانه ، وتسمى باسمه » .

وروى ابن عساكر عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : لقد رأيتني أرمي بالسهم يوم أحد فيرده علي رجل أبيض حسن الوجه لا أعرفه ، حتى كان بعد فظننت أنه ملك .

وروى ابن إسحاق والبيهقي وابن عساكر عن عبد الله بن عون عن عمير بن إسحاق قال : لما كان يوم أحد انكشفوا عن رسول الله وسعد يرمي بين يديه ، وفتى ينبل له ، كلما ذهب نبله أتاه بها ، قال : ارم أبا إسحاق ، فلما فرغوا نظروا من الشاب فلم يروه ، ولم يعرف .

وروى البيهقي عن عروة في قوله تعالى : ولقد صدقكم الله وعده [آل عمران 152 ] قال : كان الله تعالى وعدهم على الصبر والتقوى أن يمدهم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ، وكان قد فعل ، فلما عصوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركوا مصافهم ، وتركت الرماة عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا يبرحوا من منازلهم ، وأرادوا الدنيا ، رفع عنهم مدد الملائكة ، وأنزل الله تعالى : ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه فصدق الله وعده وأراهم الفتح ، فلما عصوا أعقبهم البلاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية