الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر ما جاء في حضور الملائكة وقتالهم يوم أحد

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو داود الطيالسي والشيخان عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بيض يقاتلان عنه كأشد القتال ، وما رأيتهما قبل ولا بعد ، يعني جبريل وميكائيل . ورواه البيهقي . ثم روى مجاهد ، قال : لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر قال البيهقي : مراده لم يقاتلوا يوم أحد عن القوم حين عصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يصبروا على ما أمرهم به .

                                                                                                                                                                                                                              روى محمد بن عمر عن شيوخه في قوله تعالى : بلى إن تصبروا وتتقوا الآية لم يصبروا وانكشفوا فلم يمدوا .

                                                                                                                                                                                                                              وروي أيضا عنهم قالوا : قتل مصعب بن عمير فأخذ اللواء ملك في صورة مصعب ، وحضرت الملائكة يومئذ ولم تقاتل .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني وابن منده وابن عساكر من طريق محمود بن لبيد ، قال الحارث بن الصمة : سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو في الشعب عن عبد الرحمن بن عوف ، فقلت : رأيته إلى جنب الجبل ، فقال : «إن الملائكة تقاتل معه » . قال الحارث : فرجعت إلى عبد الرحمن فوجدت بين يديه سبعة صرعى ، فقلت : ظفرت يمينك ، أكل هؤلاء قتلت ؟ قال : «أما هذا وهذا فأنا قتلتهما ، وأما هؤلاء فقتلهم من لم أره » . فقلت : صدق الله ورسوله .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن عبد الله بن الفضل بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن [ ص: 206 ] عبد المطلب ، قال : أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد مصعب بن عمير اللواء فقتل مصعب ، فأخذه ملك في صورة مصعب فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «تقدم يا مصعب » . فالتفت إليه الملك فقال : لست بمصعب ، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ملك أيد به .

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن أبي شيبة في المصنف : حدثنا زيد بن الحباب عن موسى بن عبيدة : حدثني محمد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد : أقدم يا مصعب ، فقال له عبد الرحمن بن عوف : يا رسول الله ألم يقتل مصعب ؟ قال : «بلى ، ولكن ملك قام مكانه ، وتسمى باسمه » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن عساكر عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : لقد رأيتني أرمي بالسهم يوم أحد فيرده علي رجل أبيض حسن الوجه لا أعرفه ، حتى كان بعد فظننت أنه ملك .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن إسحاق والبيهقي وابن عساكر عن عبد الله بن عون عن عمير بن إسحاق قال : لما كان يوم أحد انكشفوا عن رسول الله وسعد يرمي بين يديه ، وفتى ينبل له ، كلما ذهب نبله أتاه بها ، قال : ارم أبا إسحاق ، فلما فرغوا نظروا من الشاب فلم يروه ، ولم يعرف .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي عن عروة في قوله تعالى : ولقد صدقكم الله وعده [آل عمران 152 ] قال : كان الله تعالى وعدهم على الصبر والتقوى أن يمدهم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ، وكان قد فعل ، فلما عصوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركوا مصافهم ، وتركت الرماة عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا يبرحوا من منازلهم ، وأرادوا الدنيا ، رفع عنهم مدد الملائكة ، وأنزل الله تعالى : ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه فصدق الله وعده وأراهم الفتح ، فلما عصوا أعقبهم البلاء .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية