صفحة جزء
باب ذكر إدريس عليه السلام

واسمه خنوخ بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم .

قال الزبير بن بكار : وهو إدريس بن اليارد بن مهلائيل بن قينان بن الطاهر بن هبه ، وهو شيث بن آدم ، وإنما قيل له إدريس لأنه أول من درس الوحي المكتوب .

وقد أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزار ، أخبرنا أبو محمد الجوهري ، أخبرنا أبو عمر بن حيويه ، أخبرنا أحمد بن معروف الخشاب ، أخبرنا الحارث بن أبي أسامة ، حدثنا محمد بن سعد ، أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، عن أبيه ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، قال: إن أول نبي بعد آدم إدريس عليه السلام ، وهو حنوخ بن يرذ ، وكان يصعد له في اليوم من العمل ما لا يصعد لبني آدم في السنة ، فحسده إبليس وعصاه قومه ، فرفعه الله مكانا عليا وأدخله الجنة .

قلت: كذا في هذه الرواية "حنوخ" بالحاء المهملة ثم بالخاء المعجمة ، و "يرذ" بالذال المعجمة . ورويت الكلمة الأولى بخاءين معجمتين ، و "يرد" بدال مهملة .

وزعم ابن إسحاق أن إدريس أول نبي أعطي النبوة .

وقد روى أبو ذر ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، أنه قال: "أربع من الرسل سريانيون : آدم ، وشيث ، وأخنوخ وهو إدريس ، ونوح" . [ ص: 234 ]

وقال علماء السير: نبأ الله تعالى إدريس في حياة آدم ، وقد مضى من عمر آدم ستمائة واثنتان وعشرون سنة ، وأنزل عليه ثلاثون صحيفة فدعا قومه ووعظهم وأمرهم بطاعة الله ومخالفة الشيطان ، وأن لا يلامسوا أولاد قابيل ، فخالفوا ، فجاهدهم وسبى منهم واسترق .

وهو أول نبي خط بالقلم وقطع الثياب وخاطها ، ورفع إدريس وهو ابن ثلاثمائة وخمس وستين سنة ، وأبوه حي ، فعاش أبوه بعد ارتفاعه مائة وخمسا وثلاثين سنة .

قال زيد بن أسلم : كان يصعد لإدريس من العمل مثل ما يصعد لجميع بني آدم ، فجاءه ملك فاستأذن الله في جلسة ، فأذن له فهبط إليه في صورة آدمي ، وكان يسجد ، فلما عرفه ، قال: إني أسألك حاجة ، قال: ما هي؟ قال: تذيقني الموت فلعلي أعلم ما شدته فأكون له أشد استعدادا ، فأوحى الله إليه أن اقبض روحه ساعة ثم أرسله ، ففعل ، ثم قال: كيف رأيت؟ قال: أشد ما بلغني عنه ، وإني أحب أن تريني النار ، قال: فحمله وأراه إياها ، قال: إني أحب أن تريني الجنة ، فأراه إياها ، فلما دخلها وطاف فيها ، قال له ملك الموت : اخرج ، فقال: والله لا أخرج حتى يكون الله تعالى يخرجني ، فبعث الله ملكا يحكم بينهما ، فقال: ما تقول يا ملك الموت ، فقص عليه ما جرى ، فقال: ما تقول يا إدريس ، قال: إن الله تعالى قال: كل نفس ذائقة الموت وقد ذقته ، وقال: وإن منكم إلا واردها وقد وردتها . وقال لأهل الجنة وما هم منها بمخرجين . فو الله لا أخرج حتى يكون الله يخرجني ، فسمع هاتفا من فوقه يقول:

بإذني دخل وبأمري فعل ، فخل سبيله .

فإن قيل: أين هذه الآيات لإدريس ؟

فالجواب: إن الله أعلم بوجوب الورود ، وامتناع الخروج من الجنة وغير ذلك فقاله . [ ص: 235 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية