غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
فمدح الخمر ونحو الزنا بمنزلة الهجاء ، لأنه مدح ما ذمه الله وحرمه ، ولهذا قال النعمان بن عدي بن فضلة بن عبد العزى بن حرثان [ ص: 204 ] وكان قد استعمله عمر رضي الله عنه في خلافته على ميسان من أرض البصرة فقال أبياتا منها :

ألا هل أتى الحسناء أن حليلها بميسان يسقى في زجاج وحنتم     إذا شئت غنتني دهاقين قرية
ورقاصة تجذو على كل منسم     فإن كنت ندماني فبالأكبر اسقني
ولا تسقني بالأصغر المتثلم     لعل أمير المؤمنين يسوءه
تنادمنا في الجوسق المتهدم

فلما بلغت أبياته عمر رضي الله عنه قال نعم والله إن ذلك ليسوءني ، فمن لقيه فليخبره أني قد عزلته ، وعزله ، فلما قدم عليه اعتذر إليه وقال والله يا أمير المؤمنين ما صنعت شيئا مما بلغك أني قلته قط ، ولكني كنت امرأ شاعرا وجدت فضلا من قول فقلت فيما يقول الشعراء فقال له عمر رضي الله عنه : وأيم الله لا تعمل لي على عمل ما بقيت وقد قلت ما قلت .

التالي السابق


الخدمات العلمية