غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : إذا شرب يناول من عن يمينه .

( الثانية ) : ينبغي للإنسان إذا شرب أن يناول من عن يمينه . وهذا في جميع المشروبات عن اللبن ، والحلوى ، والماء ونحوها . قال علماؤنا كما في الإقناع ، والغاية وغيرهما : وكذا غسل يده ورش الماورد ونحوه انتهى . كالبخور والصابون .

ويبدأ في ذلك بالأفضل ، ثم بمن على اليمين لما في البخاري عن أم أنس رضي الله عنها { أنها حلبت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة داجن ، وهو في دار أنس رضي الله عنه ، ثم شيب لبنها بماء من البئر التي في دار أنس فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم ليشرب منه ، وعلى يساره أبو بكر ، وعلى يمينه أعرابي . فجاء عمر وخاف أن يعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعرابي . فقال أعط أبا بكر يا رسول الله فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 144 ] الأعرابي الذي عن يمينه ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الأيمن فالأيمن } ورواه الشيخان عن أنس رضي الله عنه ولفظه { أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في دارنا هذه فحلبنا له شاة ، ثم شبته من ماء بئرنا هذه فأعطيته وأبو بكر عن يساره وعمر تجاهه وأعرابي عن يمينه فلما فرغ قال عمر هذا أبو بكر ، فأعطى الأعرابي ، وقال : الأيمنون الأيمنون } ، قال أنس : فهي سنة . .

وأخرج الإمام أحمد ، والحميدي وابن ماجه وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : { دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وخالد بن الوليد على ميمونة رضي الله عنها فجاءتنا بإناء من لبن .

وفي رواية قالت ألا أسقيكم من لبن أهدته لنا أم عقيق ؟ قال : بلى ، فجيء بإناء من لبن فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عن يمينه وخالد عن شماله فقال : الشربة لك فإن شئت آثرت بها خالدا . فقلت ما كنت لأوثر بسؤرك أحدا ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أطعمه الله طعاما فليقل : اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا ما هو خير منه ، ومن سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فإني لا أعلم شيئا يجزي من الطعام والشراب غيره
} .

وروى الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا { ثلاثة لا ترد اللبن ، والوسادة والدهن } .

وأنشد بعضهم :

قد كان من سيرة خير الورى صلى عليه الله طول الزمن     أن لا يرد الطيب والمتكأ
واللحم أيضا يا أخي واللبن



التالي السابق


الخدمات العلمية