الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : إذا شرب يناول من عن يمينه .

( الثانية ) : ينبغي للإنسان إذا شرب أن يناول من عن يمينه . وهذا في جميع المشروبات عن اللبن ، والحلوى ، والماء ونحوها . قال علماؤنا كما في الإقناع ، والغاية وغيرهما : وكذا غسل يده ورش الماورد ونحوه انتهى . كالبخور والصابون .

ويبدأ في ذلك بالأفضل ، ثم بمن على اليمين لما في البخاري عن أم أنس رضي الله عنها { أنها حلبت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة داجن ، وهو في دار أنس رضي الله عنه ، ثم شيب لبنها بماء من البئر التي في دار أنس فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم ليشرب منه ، وعلى يساره أبو بكر ، وعلى يمينه أعرابي . فجاء عمر وخاف أن يعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعرابي . فقال أعط أبا بكر يا رسول الله فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 144 ] الأعرابي الذي عن يمينه ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الأيمن فالأيمن } ورواه الشيخان عن أنس رضي الله عنه ولفظه { أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في دارنا هذه فحلبنا له شاة ، ثم شبته من ماء بئرنا هذه فأعطيته وأبو بكر عن يساره وعمر تجاهه وأعرابي عن يمينه فلما فرغ قال عمر هذا أبو بكر ، فأعطى الأعرابي ، وقال : الأيمنون الأيمنون } ، قال أنس : فهي سنة . .

وأخرج الإمام أحمد ، والحميدي وابن ماجه وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : { دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وخالد بن الوليد على ميمونة رضي الله عنها فجاءتنا بإناء من لبن .

وفي رواية قالت ألا أسقيكم من لبن أهدته لنا أم عقيق ؟ قال : بلى ، فجيء بإناء من لبن فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عن يمينه وخالد عن شماله فقال : الشربة لك فإن شئت آثرت بها خالدا . فقلت ما كنت لأوثر بسؤرك أحدا ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أطعمه الله طعاما فليقل : اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا ما هو خير منه ، ومن سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فإني لا أعلم شيئا يجزي من الطعام والشراب غيره
} .

وروى الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا { ثلاثة لا ترد اللبن ، والوسادة والدهن } .

وأنشد بعضهم :

قد كان من سيرة خير الورى صلى عليه الله طول الزمن     أن لا يرد الطيب والمتكأ
واللحم أيضا يا أخي واللبن



التالي السابق


الخدمات العلمية