غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عذبة طويلة .

( الخامس ) : قال صاحب القاموس في شرح البخاري له كما في السيرة الشامية نقلا عن من نقل عنه أنه { كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عذبة طويلة نازلة بين كتفيه وتارة على كتفه } ، { وأنه ما فارق العذبة قط } ، { وأنه قال : خالفوا اليهود ولا تصمموا فإن تصميم العمائم من زي أهل الكتاب } .

{ وأنه قال : أعوذ بالله من عمامة صماء } .

قال الشمس الشامي : قال الشيخ : قوله : طويلة لم أره لكن يمكن أن يؤخذ من أحاديث إرخائها بين الكتفين .

وقوله : وتارة على كتفه لم أقف عليه من لبسه لكن من إلباسه .

وأما حديث خالفوا اليهود وحديث أعوذ بالله من عمامة صماء فلا أصل لهما .

وقال بعد ذلك : من علم أن العذبة سنة فتركها استنكافا عنها أثم ، أو غير مستنكف فلا .

[ ص: 249 ] قلت : وظاهر كلام أصحابنا كراهية العمامة الصماء .

بل صرحوا بذلك ، منهم صاحب الإقناع وشارح المنتهى م ص كالمصنف ، وبنوا عليه أن عدم جواز مسح العمامة الصماء لذلك قالوا : فإن لم تكن العمامة محنكة ولا ذات ذؤابة لم يجز المسح عليها لعدم المشقة في نزعها كالكتلة ; ولأنها تشبه عمائم أهل الكتاب ، وقد نهى عن التشبه بهم .

قال الشيخ : المحكي عن الإمام أحمد الكراهة ، ولم يمنع هو يعني الشيخ المسح .

قال : لأنه لا يمنع الترخص كسفر النزهة .

قال تلميذه في الفروع : كذا قال ، وقال في الفروع أيضا : ولعل ظاهر من جوز المسح إباحة لبسها ، وهو متجه ; لأنه فعل أبناء المهاجرين والأنصار .

وتحمل كراهة السلف على الحاجة إلى التحنيك لمجاهد أو غيره ، مع أن الكراهة إنما هي عن عمر وابنه والحسن وطاوس والثوري .

قال : وفي الصحة أي صحة الكراهة عمن ذكر نظر . انتهى .

وفي الآداب : لا خلاف في استحباب العمامة المحنكة وكراهة الصماء انتهى .

والحاصل : أن المعتمد في المذهب استحباب التحنك ، فإن لم يكن فالذؤابة ، فإن فقدا كانت العمامة مكروهة .

هذا المذهب بلا ريب .

قلت : وظاهر كلام جميع علمائنا اعتبار كون الذؤابة من العمامة لا من غيرها .

وفي فتاوى الحافظ السخاوي أن بعضهم نسب إلى عائشة رضي الله عنها قالت : كانت العذبة في السفر من غير العمامة وفي الحضر منها .

قال السخاوي : وهذا شيء ما علمناه . انتهى .

وأظن أن شيخنا التغلبي رحمه الله تعالى قال لي : إن كانت العذبة من غير العمامة لم يجز عليها المسح وزالت الكراهة ، فإن كان قال هذا ففيه نظر لأنا لو قلنا بعدم الكراهة لجوزنا المسح والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية