غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : لا بأس بلبس الخاتم من فضة وفيه عشر لغات : ولا بأس بالخاتم من فضة ومن عقيق وبلور وشبه المعدد ( ولا بأس ) أي لا حرج ولا كراهة ( ب ) لبس ( الخاتام ) بوزن ساباط لغة في الخاتم بفتح تاء خاتم وكسرها ، والرابعة : خيتام بوزن بيطار ، ذكره في المطلع تبعا للجوهري .

وزاد صاحب القاموس الخامسة الختم محركة .

والسادسة الخاتيام ، والسابعة والثامنة ختام بكسر الخاء وفتحها ، والتاسعة خيتوم بفتح الخاء وسكون التحتانية وضم المثناة بعدهما واو ، والعاشرة بسكون تاء ختم كما في فتح الباري .

ونظمت في قول بعضهم :

    خذ نظم عد لغات الخاتم انتظمت
ثمانيا ما حواها قط نظام


خاتام خاتم ختم خاتم وختا     م خاتيام وخيتوم وخيتام


وهمز مفتوح تاء تاسع وإذا     ساغ القياس أتم العشر خاتام

[ ص: 288 ] وجمعه خواتم وخواتيم وخياتيم بإبدال الواو ياء وبلا ياء أيضا .

وظاهر نظامه إباحة الخاتم وهو المذهب ، جزم به في الإقناع والمنتهى والغاية وغيرها .

قال في الفروع : قال الإمام أحمد رضي الله عنه في خاتم الفضة للرجل ليس به بأس اتفاقا .

واحتج بأن ابن عمر رضي الله عنهما كان له خاتم . وهذا رواه أبو داود وغيره وأنه كان في اليسرى ، ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال إنما هو شيء يرويه أهل الشام . وحدث يعني الإمام رضي الله عنه . بحديث أبي ريحانة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كره عشر خلال ، وفيها الخاتم إلا لذي سلطان ، فلما بلغ هذا الموضع تبسم كالمتعجب . وهذا الخبر رواه الإمام في المسند حدثنا يحيى بن غيلان حدثنا الفضل بن فضالة حدثنا عياش بن عباس عن أبي الحصين الهيثم بن شفي أنه سمعه يقول خرجت أنا وصاحب لي يسمى أبا عامر رجل من المعافر لنصلي بإيلياء ، وكان قاضيهم رجلا من الأزد يقال له أبو ريحانة من الصحابة رضي الله عنهم . قال أبو الحصين فسبقني صاحبي إلى المسجد ثم أدركته فجلست إلى جنبه ، فسألني هل أدركت قصص أبي ريحانة ؟ فقلت : لا ، فقال : سمعته يقول { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عشرة : عن الوشر ، والوشم ، والنتف ، وعن مكامعة الرجل بغير شعار ، ومكامعة المرأة بغير شعار ، وأن يجعل الرجل في أسفل ثوبه حريرا مثل الأعاجم ، وأن يجعل على منكبه حريرا مثل الأعاجم ، وعن النهي ، وعن ركوب النمور ، ولبوس الخاتم إلا لذي سلطان } . ورواه أبو داود والنسائي من حديث المفضل أبي عامر . روى عنه الهيثم وعبد الملك الخولاني وذكره البخاري في تاريخه قال في الفروع : ولم أجد فيه كلاما ، وباقي إسناده جيد . قال : فهو حديث حسن ، ولم يضعفه ابن الجوزي في جامع المسانيد وقال : النهي عن الخاتم ليتميز السلطان بما يتختم به .

وفي شرح البخاري سئل الإمام مالك عن حديث أبي ريحانة فضعفه وقال سأل صدقة بن يسار سعيد بن المسيب فقال : البس الخاتم وأخبر الناس [ ص: 289 ] أني قد أفتيتك . انتهى .

قال في النهاية : المكامعة هو أن يضاجع الرجل صاحبه في ثوب واحد لا حاجز بينهما .

والكميع الضجيع ، وزوج المرأة كميعها . انتهى ، والشعار ما ولي الجسد من الثياب .

وقيل التختم بالخاتم مستحب .

قدمه في الرعاية وجزم ابن تميم يكره بقصد الزينة .

وذكره في الرعاية قولا .

وإنما يباح الخاتم حيث كان ( من فضة ) لا من ذهب كما سيذكر الناظم محترزه والمذهب : إباحة الخاتم من فضة ولو زاد على مثقال .

وفي الرعاية : يسن دون مثقال .

وظاهر كلام الإمام والأصحاب لا بأس بأكثر من ذلك لضعف خبر بريدة وهو { أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الخاتم من أي شيء أتخذه ؟ قال : من فضة ولا تتمه مثقالا } رواه الخمسة . قال الإمام أحمد : حديث منكر .

قال في الفروع : والمراد ما لم يخرج عن العادة ، وإلا حرم ، لأن الأصل التحريم خرج المعتاد لفعله صلى الله عليه وسلم وفعل أصحابه رضي الله عنهم ولم يخرج بصيغة لفظ ليعم .

ثم لو كان خرج بصيغة لفظ فهو بيان للواقع .

وإن اتخذ لنفسه عدة خواتم أو مناطق ، ولم يخرج عن العادة لم يحرم ، ولم تجب فيها الزكاة .

وإن خرج عن العادة حرم ووجبت .

وعند الشيخ رضي الله عنه لا يحرم التحلي بالفضة على ما سبق .

التالي السابق


الخدمات العلمية