غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : يكره للرجال والنساء لبس النعال السندية : ويكره سندي النعال لعجبه بصرارها زي اليهود فأبعد ( ويكره ) للرجال والنساء لبس ( سندي النعال ) أي المنسوبة إلى السند ( ل ) أجل ( عجبه ) أي لابسها ( بصرارها ) أي بصوتها وجلبتها كصرير الباب .

ومنه قوله تعالى { فأقبلت امرأته في صرة } أي حال مجيئها صائحة .

نص الإمام أحمد رضي الله عنه على كراهة اتخاذ النعال السندية .

قال له المروذي : أمروني في المنزل أن أشتري نعلا سنديا للصبية ، فقال : لا تشتر .

فقلت : يكره للنساء والصبيان ؟ قال : نعم أكرهه ، وإن كان للمخرج والطين فأرجو ، وأما إن أراد الزينة فلا .

وقال عن شخص لبسها يتشبه بأولاد الملوك .

وقال في راية صالح : إذا كان للوضوء فأرجو ، وأما للزينة فأكرهه للرجال والنساء ، وكرهه أيضا في رواية محمد بن أبي حرب فقال : إن كان للكنيف والوضوء يعني فلا كراهة .

وقال رضي الله عنه : أكره الصرارة : وقال : من زي العجم .

ولذا قال الناظم رحمه الله ( زي ) أي هي زي ( اليهود ) المغصوب عليهم ( فأبعد ) فعل أمر مجزوم وحرك بالكسر للقافية . ويحتمل قراءة زي بالفتح مفعول مقدم لأبعد ، أي أبعد زي اليهود ولا تقربه فإنا نهينا عن التشبه بهم وبسائر الأعجام ، وفي [ ص: 340 ] الآداب الكبرى حكى ابن الجوزي عن ابن عقيل تحريم الصرير في المداس ويحتمله كلام الإمام أحمد .

( فائدة ) : في صحيح مسلم وغيره عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { استكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكبا ما انتعل } .

قال القاضي : يدل على ترغيب اللبس للنعال ولأنها قد تقيه الحر والبرد والنجاسة .

قال النووي : أي إنه شبيه بالراكب في خفة المشقة وقلة التعب وسلامة الرجل من أذى الطريق .

وقال القرطبي : هذا كلام بليغ ، ولفظ فصيح بحيث لا ينسج على منواله .

ولا يؤتى بمثاله ، وهو إرشاد إلى المصلحة ، وتنبيه على ما يخفف المشقة ، فإن الحافي المديم للمشي ، يلقى من الآلام والمشقة بالعثار وغيره ما يقطعه عن المشي ويمنعه من الوصول إلى مقصوده ، بخلاف المنتعل فإنه لا يمنعه من إدامة المشي فيصل إلى مقصوده كالراكب ; فلذلك يشبه به . انتهى . .

التالي السابق


الخدمات العلمية