غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : بيان ما ورد من الآيات والأخبار في التخويف من الزنا .

وقد روي عن النبي المختار ، في الترهيب والتخويف من الزنا وتعظيم أمره عدة أخبار ، ونفر منه العزيز الجبار ، في كتابه العزيز الحكيم في عدة آيات فقال جل شأنه : { ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا } .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن } ورواه أبو داود والترمذي والنسائي . وزاد في رواية { فإذا فعل ذلك خلع ربقة الإسلام من عنقه فإن تاب تاب الله عليه }

وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم { لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة } .

وروى البيهقي عن ابن عمر مرفوعا { الزنا يورث الفقر }

وروى أبو داود واللفظ له والترمذي والبيهقي والحاكم عن أبي هريرة مرفوعا { : إذا زنى الرجل أخرج منه الإيمان وكان عليه كالظلة فإذا قلع رجع إليه الإيمان } .

وروى الخرائطي وذكره الإمام ابن القيم في روضة المحبين عن حذيفة رضي الله عنه مرفوعا { يا معشر المسلمين إياكم والزنا فإن فيه ست خصال ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة ، فأما اللواتي في الدنيا فذهاب البهاء ، ودوام الفقر ، وقصر العمر ، وأما اللواتي في الآخرة فسخط الله ، وسوء الحساب ، ودخول النار } قال ابن القيم : ويذكر عن أنس رضي الله عنه أنه قال : المقيم على الزنا كعابد وثن . ورفعه بعضهم . قال ابن القيم : وهذا أولى أن يشبه بعابد الوثن من مدمن الخمر .

[ ص: 441 ] وفي المسند وغيره مرفوعا { مدمن الخمر كعابد وثن } فإن الزنا أعظم من شرب الخمر . قال الإمام أحمد رضي الله عنه : ليس بعد قتل النفس أعظم من الزنا . وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال { سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم عند الله ؟ قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك ، قلت : إن ذلك لعظيم ، قلت ثم أي ؟ قال أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك ، قلت ثم أي ؟ قال أن تزاني حليلة جارك } .

وذكر سفيان بن عيينة عن جامع بن شداد عن أبي وائل عن عبد الله قال : إذا بخس المكيال حبس القطر ، وإذا ظهر الزنا وقع الطاعون ، وإذا كثر الكذب كثر الهرج .

ويكفي في قبح الزنا أن الله سبحانه وتعالى مع كمال رحمته شرع فيه أفحش القتلات وأصعبها وأفضحها ، وأمر أن يشهد عباده المؤمنون تعذيب فاعله . ومن قبحه أن الله فطر عليه بغض الحيوان البهيم الذي لا عقل له ، كما ذكر البخاري في صحيحه عن عمرو بن ميمون الأودي قال : رأيت في الجاهلية قردا زنى بقردة ، فاجتمع عليهما القرود فرجموهما حتى ماتا ، وكنت فيمن رجمهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية