صفحة جزء
المسألة السادسة : في محل الأنفال : اختلف الناس فيها على ثلاثة أقوال : الأول : محلها الخمس . [ ص: 378 ]

الثاني : محلها ما عاد من المشركين أو أخذ بغير حرب .

الثالث : رأس الغنيمة حسبما يراه الإمام .

قال القاسم بن محمد : قال ابن عباس : كان ابن عمر إذا سئل عن شيء قال : لا آمرك ولا أنهاك . فكان ابن عباس يقول : والله ما بعث الله محمدا إلا محللا ومحرما . قال القاسم : فسلط على ابن عباس رجل فسأله عن النفل ; فقال ابن عباس : الفرس من النفل ، والسلاح من النفل . وأعاد عليه الرجل ، فقال له مثل ذلك حتى أغضبه . فقال ابن عباس : أتدرون ما مثل هذا ؟ مثل صنيع الذي ضربه عمر بالدرة حتى سالت الدماء على عقبيه أو على رجليه ، س فقال الرجل : أما أنت فقد انتقم الله منك لابن عمر .

وقال السدي وعطاء : هي ما شذ من المشركين .

وعن مجاهد : { سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمس بعد الأربعة الأخماس ; فقال المهاجرون : لمن يدفع هذا الخمس ؟ لم يخرج منا . فنزلت : { يسألونك عن الأنفال } والصحيح أنه من الخمس ، } كما روي في صحيح مسلم أن الإمام يعطي منه ما شاء من سلب أو غيره ; خلافا للشافعي ، ومن قال بقوله من فقهاء الأمصار . فأما هذا السؤال هاهنا فإنما هو عن أصل الغنيمة التي نفل على ما أنزل الله لنا من الحلال على الأمم .

المعنى : يسألك أصحابك يا محمد عن هذه الغنيمة التي نفلتكها . قل لهم : هي لله وللرسول ، فاتقوا الله ولا تختلفوا ، وأصلحوا ذات بينكم ، لئلا يرفع تحليلها عنكم باختلافكم .

وقد روي عن { ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر : من فعل كذا وكذا فله كذا وكذا . فتسارع إلى ذلك الشبان ، وثبت الشيوخ تحت الرايات ، فلما فتح عليهم جاءوا يطلبون شرطهم ، فقال الشيوخ : لا تستأثروا به علينا ، كنا ردءا لكم ، لو انهزمتم لانحزتم إلينا ، فأبى الشبان وقالوا : جعله رسول الله لنا ، فتنازعوا فأنزل الله : [ ص: 379 ] { يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم } } .

وروي { أنهم اختلفوا فيها على ثلاث فرق ; فقال قوم : هو لنا ، حرسنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال آخرون : هو لنا ، اتبعنا أعداء رسول الله . وقالت أخرى : نحن أولى بها ، أخذناها ، فنزلت : { يسألونك عن الأنفال } }

وروى { أبو أمامة الباهلي قال : سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال ، فقال : فينا أصحاب بدر نزلت ، حين اختلفنا في النفل ، وساءت فيه أخلاقنا ، فنزعه الله من أيدينا ، فجعله إلى رسوله ، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين على بواء ; أي على السواء . }

المسألة السابعة : قال علماؤنا : { فسلموا لرسول الله الأمر فيها ; فأنزل الله : { واعلموا أنما غنمتم } . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس ، والخمس مردود فيكم } . فلم يمكن بعد هذا أن يكون النفل من حق أحد ; وإنما يكون من حق رسول الله . وهو الخمس .

والدليل عليه الحديث الصحيح عن ابن عمر : خرجنا في سرية قبل نجد ، فأصبنا إبلا ، فقسمناها ، فبلغت سهماننا أحد عشر بعيرا ، ونفلنا بعيرا بعيرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية