صفحة جزء
المسألة الخامسة :

قال شيوخ الصوفية : إن المراد بهذه الآية استغراق الأوقات بالعبادات نفلا وفرضا . وهذا ضعيف ; فإن الأمر لم يتناول ذلك لا واجبا فإنما خمس صلوات ، ولا نفلا فإن الأوراد معلومة ، وأوقات النوافل المرغب فيها محصورة ، وما سواها من [ ص: 30 ] الأوقات يسترسل عليه الندب على البدل لا على العموم ; فليس ذلك في قوة بشر .

وقد روى ابن وهب عن مالك في هذه الآية أنها الصلاة المكتوبة .

وقد روى مالك عن هشام عن عروة عن أبيه ، عن عثمان بن عفان أنه جلس على المقاعد فجاء المؤذن ، فأذن بصلاة العصر ، فدعا بماء فتوضأ ، ثم قال : والله لأحدثنكم حديثا لولا آية في كتاب الله ما حدثتكموه ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ، ثم يصلي الصلاة إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة الأخرى حتى يصليها } . قال عروة : أراه يريد هذه الآية : { إن الذين يكتمون ما أنزلنا } .

وقال مالك : أراه يريد هذه الآية : { أقم الصلاة } .

فعلى قول عروة يعني عثمان لولا أن الله حرم علي كتمان العلم لما ذكرته . وعلى قول مالك [ يعني عثمان ] : لولا أن معنى ما أذكره لكم مذكور في كتاب الله ما ذكرته لئلا تتهموني .

التالي السابق


الخدمات العلمية