صفحة جزء
الآية الثانية

قوله تعالى : { والذين هم لفروجهم حافظون } .

فيها أربع مسائل :

المسألة الأولى : من غريب القرآن أن هؤلاء الآيات العشر هي عامة في الرجال والنساء ، كسائر ألفاظ القرآن التي هي محتملة لهم ، فإنها عامة فيهم ، إلا قوله : { والذين هم لفروجهم حافظون } فإنه خطاب للرجال خاصة دون النساء ، بدليل قوله : { إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم } ، ولا إباحة بين النساء وبين ملك اليمين في الفرج ; وإنما عرف حفظ المرأة فرجها من أدلة أخر ، كآيات الإحصان عموما وخصوصا ، وغير ذلك من الأدلة .

المسألة الثانية :

قال محمد بن عبد الحكم : سمعت حرملة بن عبد العزيز قال : سألت مالكا عن الرجل يجلد عميرة ، فتلا هذه : { والذين هم لفروجهم حافظون إلا على [ ص: 315 ] أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون } .

وهذا ; لأنهم يكنون عن الذكر بعميرة ، وفيه يقول الشاعر :

إذا حللت بواد لا أنيس به فاجلد عميرة لا داء ولا حرج

ويسميه أهل العراق الاستمناء ، وهو استفعال من المني .

وأحمد بن حنبل على ورعه يجوزه ، ويحتج بأنه إخراج فضلة من البدن ; فجاز عند الحاجة ، أصله الفصد والحجامة .

وعامة العلماء على تحريمه ، وهو الحق الذي لا ينبغي أن يدان الله إلا به .

وقال بعض العلماء : إنه كالفاعل بنفسه ، وهي معصية أحدثها الشيطان وأجراها بين الناس حتى صارت قيلة ، ويا ليتها لم تقل ، ولو قام الدليل على جوازها لكان ذو المروءة يعرض عنها لدناءتها .

فإن قيل : فقد قيل : إنها خير من نكاح الأمة .

قلنا : نكاح الأمة ولو كانت كافرة على مذهب العلماء خير من هذا ، وإن كان قد قال به قائل أيضا ، ولكن الاستمناء ضعيف في الدليل عار بالرجل الدنيء ، فكيف بالرجل الكبير ،

التالي السابق


الخدمات العلمية