صفحة جزء
الآية الحادية عشرة قوله تعالى : { ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون } .

فيها مسألتان : [ ص: 329 ] المسألة الأولى : للعلماء فيها ثلاثة أقوال :

الأول : ادفع بالإغضاء والصفح إساءة المسيء .

الثاني : ادفع المنكر بالموعظة الحسنة .

الثالث : ادفع سيئتك بالحسنة بعدها . المسألة الثانية :

معنى هذه الآية قريب من معنى : { ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم } ، إلا أن هذه خاصة في العفو ، والتي شرحنا الكلام فيها هاهنا عامة فيه وفي غيره حسبما سطرناه آنفا ، وهي مخصوصة في الكفار بالانتقام منهم ، باقية في المؤمنين على عمومها ، فأما قولهم : ادفع سيئتك بالحسنة بعدها فيشير إلى الغفلة وحسنتها الذكر ، كما قال في حديث الأغر المزني : أنه قال صلى الله عليه وسلم : إنه ليغان على قلبي فأستغفر الله في اليوم سبعين مرة .

وفي كتاب مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم { إني لأتوب إلى الله في اليوم مائة مرة } وقالت الصوفية : إنه يدخل فيه ادفع حظ الدنيا إذا زحم حظ الآخرة بحظ الآخرة وحدها .

قال لي شيحنا أبو بكر الفهري : متى اجتمع لك أمران أحدهما للدنيا والآخر لله فقدم ما لله فإنهما يحصلان لك جميعا . وإن قدمت الدنيا ربما فاتا معا ، وربما حصل حظ الدنيا ولم يبارك لك فيه . [ ص: 330 ]

ولقد جربته فوجدته ، ويدخل فيه دفع الجفاء ، لا جرم ، كذلك قال : رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون .

وفقه الآية : اسلك مسلك الكرام ، ولا تلحظ جانب المكافأة ، ادفع بغير عوض ، ولا تسلك مسلك المبايعة ، ويدخل فيه : سلم على من لم يسلم عليك ، وتكثر الأمثلة ، والقصد مفهوم ، فاسلكوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية