صفحة جزء
سورة النساء فيها إحدى وستون آية الآية الأولى قوله تعالى : { واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام } المعنى : اتقوا الله أن تعصوه ، واتقوا الأرحام أن تقطعوها . ومن قرأ والأرحام فقد أكدها حتى قرنها بنفسه .

وقد اتفقت الملة أن صلة ذوي الأرحام واجبة وأن قطيعتها محرمة ، وثبت { أن أسماء بنت أبي بكر قالت : إن أمي قدمت علي راغبة وهي مشركة أفأصلها ؟ قال : نعم ، صلي أمك } . فلتأكيدها دخل الفضل في صلة الرحم الكافرة ، فانتهى الحال بأبي حنيفة وأصحابه إلى أن يقولوا : إن ذوي الأرحام يتوارثون ، ويعتقون على من اشتراهم من ذوي رحمهم ، لحرمة الرحم وتأكيدا للبعضية ، وعضد ذلك بما رواه أبو هريرة وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من ملك ذا رحم محرم فهو حر } . [ ص: 402 ]

قال علماؤنا : وما بينهم من تعصبة وما يجب للرحم عليهم من صلة معلوم عقلا مؤكد شرعا ، لكن قضاء الميراث قد أحكمته السنة والشريعة ، وبينت أعيان الوارثين ، ولو كان لهم في الميراث حظ لفصل لهم ، أما الحكم بالعتق فقد نقضوه ، فإنهم لم يعلقوه بالرحم المطلقة حسبما قضى ظاهر القرآن ، وإنما أناطوه برحم المحرمية ; وذلك خروج عن ظاهر القرآن وتعلق بإشارة الحديث . وقد تكلمنا على ذلك في مسائل الخلاف بما نكتته أنه عموم خصصناه في الآباء والأولاد والإخوة على أحد القولين ، بدليل المعنى المقرر هنالك .

التالي السابق


الخدمات العلمية