صفحة جزء
باب الحث على الصدقة والاستغفار والذكر في الكسوف وخروج وقت الصلاة بالتجلي

1339 - ( عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : { لقد أمر رسول الله [ ص: 397 ] صلى الله عليه وسلم بالعتاقة في كسوف الشمس } ) .

1340 - ( وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي قال : { إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وتصدقوا وصلوا } ) .

1341 - ( وعن أبي موسى رضي الله عنه قال : خسفت الشمس فقام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى وقال : { إذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره } ) .

1342 - ( وعن المغيرة قال : انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم ، فقال الناس : انكسفت لموت إبراهيم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : { إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل ، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتموهما فادعوا الله تعالى وصلوا حتى ينجلي } متفق عليهن ) .


قوله : ( العتاقة ) بفتح العين المهملة . وفي لفظ للبخاري في كتاب العتق من طريق غنام بن علي عن هشام : { كنا نؤمر عند الكسوف بالعتاقة } وفيه مشروعية الإعتاق عند الكسوف . قوله : ( فادعوا الله . . . إلخ ) فيه الحث على الدعاء والتكبير والتصدق والصلاة . قوله : ( فافزعوا إلى ذكر الله . . . إلخ ) فيه أيضا الندب إلى الدعاء والذكر والاستغفار عند الكسوف ; لأنه مما يدفع الله تعالى به البلاء ، ومنهم من حمل الذكر والدعاء على الصلاة لكونهما من أجزائها .

وفيه نظر ; لأنه قد جمع بين الذكر والدعاء وبين الصلاة في حديث عائشة المذكور في الباب .

وفي حديث أبي بكرة عند البخاري وغيره ولفظه : " فصلوا وادعوا " قوله : ( يوم مات إبراهيم ) يعني ابن النبي صلى الله عليه وسلم . قال الحافظ : وقد ذكر جمهور أهل السير أنه مات في السنة العاشرة من الهجرة . قيل : في ربيع الأول . وقيل : في رمضان .

وقيل : في ذي الحجة ، والأكثر أنه في عاشر الشهر . وقيل : في رابعه . وقيل : في رابع عشره ، ولا يصح شيء من هذا على قول ذي الحجة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذ ذاك بمكة في الحج ، وقد ثبت أنه شهد وفاته وكانت بالمدينة بلا خلاف . نعم قيل : إنه مات سنة تسع فإن ثبت صح وجزم النووي بأنها كانت سنة الحديبية .

وقد استدل بوقوع الكسوف عند موت إبراهيم على بطلان قول أهل الهيئة ; لأنهم كانوا يزعمون أنه [ ص: 398 ] لا يقع في الأوقات المذكورة ، وقد فرض الشافعي وقوع العيد والكسوف معا واعترضه بعض من اعتمد على قول أهل الهيئة ، ورد عليه أصحاب الشافعي قوله : ( حتى ينجلي ) فيه أن الصلاة والدعاء يشرعان إلى أن ينجلي الكسوف فلا يستحب ابتداء الصلاة بعده ، وأما إذا حصل الانجلاء وقد فعل بعض الصلاة فقيل : يتمها . وقيل : يقتصر على ما قد فعل .

وقيل : يتمها على هيئة النوافل وإذا وقع الانجلاء بعد الفراغ من صلاة الكسوف وقبل الخطبة فظاهر حديث عائشة المتقدم بلفظ : " وانجلت الشمس قبل أن ينصرف ثم قام فخطب الناس " إنها تشرع الخطبة بعد الانجلاء .

وفي الحديث أنها تستحب ملازمة الصلاة والذكر إلى الانجلاء . وقال الطحاوي : إن قوله " فصلوا وادعوا " يدل على أن من سلم من الصلاة قبل الانجلاء يتشاغل بالدعاء حتى تنجلي ، وقرره ابن دقيق العيد قال : لأنه جعل الغاية لمجموع الأمرين ، ولا يلزم من ذلك أن يكون غاية لكل واحد منهما على انفراده ، فجاز أن يكون الدعاء ممتدا إلى غاية الانجلاء بعد الصلاة فيصير غاية للمجموع ، ولا يلزم منه تطويل الصلاة ولا تكريرها ، وأما ما وقع عند النسائي من حديث النعمان بن بشير قال : { كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يصلي ركعتين ركعتين ويسأل عنها حتى انجلت } فقال في الفتح : إن كان محفوظا احتمل أن يكون معنى قوله : " ركعتين " : أي ركوعين ، وقد وقع التعبير بالركوع عن الركعة في حديث الحسن المتقدم في الباب الذي قبل هذا .

ويحتمل أن يكون السؤال بالإشارة فلا يلزم التكرار وقد أخرج عبد الرزاق بإسناد صحيح عن أبي قلابة " أنه صلى الله عليه وسلم كان كلما ركع ركعة أرسل رجلا ينظر هل انجلت " فتعين الاحتمال المذكور ، وإن ثبت تعدد القصة زال الإشكال .

التالي السابق


الخدمات العلمية