القول في تأويل قوله تعالى : ( 
وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون  ( 22 ) 
أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون  ( 23 ) 
إني إذا لفي ضلال مبين  ( 24 ) 
إني آمنت بربكم فاسمعون  ( 25 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - مخبرا عن قيل هذا الرجل المؤمن ( 
وما لي لا أعبد الذي فطرني  ) أي : وأي شيء لي لا أعبد الرب الذي خلقني ( وإليه ترجعون ) يقول : وإليه تصيرون أنتم أيها القوم وتردون جميعا ، وهذا حين أبدى لقومه إيمانه بالله وتوحيده . 
كما حدثنا 
ابن حميد  قال : ثنا 
سلمة ،  عن 
ابن إسحاق  فيما بلغه ، عن 
ابن عباس ،  وعن 
كعب الأحبار ،  وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه  قال : ناداهم - يعني نادى قومه - بخلاف ما هم عليه من عبادة الأصنام ، وأظهر لهم دينه وعبادة ربه ، وأخبرهم أنه لا يملك نفعه ولا ضره غيره ، فقال ( 
وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون أأتخذ من دونه آلهة  ) ثم  
[ ص: 507 ] عابها ، فقال ( 
إن يردن الرحمن بضر  ) وشدة ( 
لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون  )  . 
وقوله ( 
أأتخذ من دونه آلهة  ) يقول : أأعبد من دون الله آلهة ، يعني معبودا سواه ( 
إن يردن الرحمن بضر  ) يقول : إذا مسني الرحمن بضر وشدة ( 
لا تغن عني شفاعتهم شيئا  ) يقول : لا تغني عني شيئا بكونها إلي شفعاء ، ولا تقدر على رفع ذلك الضر عني ( ولا ينقذون ) يقول : ولا يخلصوني من ذلك الضر إذا مسني . 
وقوله ( 
إني إذا لفي ضلال مبين  ) يقول إني إن اتخذت من دون الله آلهة هذه صفتها ( 
إذا لفي ضلال مبين  ) لمن تأمله ، جوره عن سبيل الحق . 
وقوله ( 
إني آمنت بربكم فاسمعون  ) فاختلف في معنى ذلك ، فقال بعضهم : قال هذا القول هذا المؤمن لقومه يعلمهم إيمانه بالله . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
ابن حميد  قال : ثنا 
سلمة ،  عن 
ابن إسحاق  فيما بلغه ، عن 
ابن عباس ،  وعن 
كعب ،  وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه   ( 
إني آمنت بربكم فاسمعون  ) إني آمنت بربكم الذي كفرتم به ، فاسمعوا قولي  . 
وقال آخرون : بل خاطب بذلك الرسل ، وقال لهم : اسمعوا قولي لتشهدوا لي بما أقول لكم عند ربي ، وأني قد آمنت بكم واتبعتكم ; فذكر أنه لما قال هذا القول ، ونصح لقومه النصيحة التي ذكرها الله في كتابه وثبوا به فقتلوه . 
ثم اختلف أهل التأويل في صفة قتلهم إياه ، فقال بعضهم : رجموه بالحجارة . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
بشر  قال : ثنا 
يزيد  قال : ثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة   ( 
وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون  ) هذا رجل دعا قومه إلى الله ، وأبدى لهم  
[ ص: 508 ] النصيحة فقتلوه على ذلك . وذكر لنا أنهم كانوا يرجمونه بالحجارة ، وهو يقول : اللهم اهد قومي ، اللهم اهد قومي ، اللهم اهد قومي ، حتى أقعصوه وهو كذلك  . 
وقال آخرون : بل وثبوا عليه ، فوطئوه بأقدامهم حتى مات . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا 
ابن حميد  قال : ثنا 
سلمة ،  عن 
ابن إسحاق  فيما بلغه ، عن 
ابن عباس ،  وعن 
كعب ،  وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه  قال لهم ( 
وما لي لا أعبد الذي فطرني  ) . . إلى قوله ( فاسمعون ) وثبوا وثبة رجل واحد فقتلوه واستضعفوه لضعفه وسقمه ، ولم يكن أحد يدفع عنه 
حدثنا 
ابن حميد  قال : ثنا 
سلمة ،  عن 
ابن إسحاق ،  عن بعض أصحابه أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود  كان يقول : وطئوه بأرجلهم حتى خرج قصبه من دبره .