القول في 
تأويل قوله تعالى : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير  ( 11 ) 
إن بطش ربك لشديد  ( 12 ) ) . 
يقول تعالى ذكره : إن الذين أقروا بتوحيد الله ، وهم هؤلاء القوم الذين حرقهم أصحاب الأخدود وغيرهم من سائر أهل التوحيد ( 
وعملوا الصالحات  ) يقول : وعملوا بطاعة الله ، وأتمروا لأمره ، وانتهوا عما نهاهم عنه ( 
لهم جنات تجري من تحتها الأنهار  ) يقول : لهم في الآخرة عند الله بساتين تجري من تحتها الأنهار والخمر واللبن والعسل ( 
ذلك الفوز الكبير  ) يقول : هذا الذي هو لهؤلاء المؤمنين في الآخرة ، هو الظفر الكبير بما طلبوا والتمسوا بإيمانهم بالله في الدنيا ، وعملهم بما أمرهم الله به فيها ورضيه منهم . 
وقوله : ( 
إن بطش ربك لشديد  ) يقول تعالى ذكره لنبيه 
محمد  صلى الله عليه وسلم : إن بطش ربك يا 
محمد  لمن بطش به من خلقه ، وهو انتقامه ممن انتقم منه  
[ ص: 345 ] لشديد ، وهو تحذير من الله لقوم رسوله 
محمد  صلى الله عليه وسلم ، أن يحل بهم من عذابه ونقمته ، نظير الذي حل بأصحاب الأخدود على كفرهم به ، وتكذيبهم رسوله ، وفتنتهم المؤمنين والمؤمنات منهم .