صفحة جزء
[ ص: 542 ] [ ص: 543 ] [ ص: 544 ] [ ص: 545 ] سورة قريش

مكية

بسم الله الرحمن الرحيم

( لإيلاف قريش ( 1 ) )

( لإيلاف قريش ) قرأ أبو جعفر : " ليلاف " بغير همز " إلافهم " طلبا للخفة ، وقرأ ابن عامر " لئلاف " بهمزة مختلسة من غير ياء بعدها [ على وزن لغلاف ] وقرأ الآخرون بهمزة مشبعة وياء بعدها ، واتفقوا - غير أبي جعفر - في " إيلافهم " أنها بياء بعد الهمزة ، إلا عبد الوهاب بن فليح عن ابن كثير فإنه قرأ : " إلفهم " ساكنة اللام بغير ياء .

وعد بعضهم سورة الفيل وهذه السورة واحدة ; منهم أبي بن كعب لا فصل بينهما في مصحفه ، وقالوا : اللام في " لإيلاف " تتعلق بالسورة التي قبلها ، وذلك أن الله تعالى ذكر أهل مكة عظيم نعمته عليهم فيما صنع بالحبشة ، وقال : ( لإيلاف قريش ) .

وقال الزجاج : المعنى : جعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش ، أي [ يريد إهلاك أهل ] الفيل لتبقى قريش [ وما ألفوا من ] رحلة الشتاء والصيف .

وقال مجاهد : ألفوا ذلك فلا يشق عليهم في الشتاء والصيف .

والعامة على أنهما سورتان ، واختلفوا في العلة الجالبة للام في قوله " لإيلاف " ، قال الكسائي [ ص: 546 ] والأخفش : هي لام التعجب ، يقول : اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف ، وتركهم عبادة رب هذا البيت ، ثم أمرهم بعبادته كما تقول في الكلام لزيد وإكرامنا إياه على وجه التعجب : اعجبوا لذلك : والعرب إذا جاءت بهذه اللام اكتفوا بها دليلا على التعجب من إظهار الفعل منه .

وقال الزجاج : هي مردودة إلى ما بعدها تقديره : فليعبدوا رب هذا البيت لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف .

وقال [ ابن عيينة ] : لنعمتي على قريش .

وقريش هم ولد النضر بن كنانة ، وكل من ولده النضر فهو قرشي ، ومن لم يلده النضر فليس بقرشي .

أخبرنا أبو الحسن علي بن يوسف الجويني ، أخبرنا أبو محمد محمد بن علي بن محمد بن شريك الشافعي ، أخبرنا عبد الله بن مسلم أبو بكر الجوربذي ، حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، أخبرنا بشر بن بكر عن الأوزاعي ، حدثني شداد أبو عمار ، حدثنا واثلة بن الأسقع ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى من كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم " .

وسموا قريشا من القرش ، والتقرش وهو التكسب والجمع ، يقال : فلان يقرش لعياله ويقترش أي يكتسب ، وهم كانوا تجارا حراصا على جمع المال والإفضال .

وقال أبو ريحانة : سأل معاوية عبد الله بن عباس : لم سميت قريش قريشا ؟ قال : لدابة تكون في البحر من أعظم دوابه يقال لها القرش لا تمر بشيء من الغث والسمين إلا أكلته ، وهي تأكل ولا تؤكل ، وتعلو ولا تعلى ، قال : وهل تعرف العرب ذلك في أشعارها ؟ قال : نعم ، فأنشده شعر الجمحي :

وقريش هي التي تسكن البحر بها سميت قريش قريشا سلطت بالعلو في لجة البحر على سائر البحور جيوشا     تأكل الغث والسمين ولا تترك
فيه لذي الجناحين ريشا [ ص: 547 ] هكذا في الكتاب حي قريش يأكلون البلاد أكلا [ كميشا ]     ولهم في آخر الزمان نبي
يكثر القتل فيهم والخموشا



التالي السابق


الخدمات العلمية