صفحة جزء
باب من بلغ ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر لقوله أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير يعني الشيب

6056 حدثني عبد السلام بن مطهر حدثنا عمر بن علي عن معن بن محمد الغفاري عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة تابعه أبو حازم وابن عجلان عن المقبري
9608 قوله باب من بلغ ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر لقوله - تعالى - نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير كذا للأكثر وسقط قوله " لقوله - تعالى - " وفي رواية النسفي " يعني الشيب " وثبت قوله يعني الشيب في رواية أبي ذر وحده وقد اختلف أهل التفسير فيه فالأكثر على أن المراد به الشيب لأنه يأتي في سن الكهولة فما بعدها وهو علامة لمفارقة سن الصبى الذي هو مظنة اللهو وقال علي : المراد به النبي - صلى الله عليه وسلم - واختلفوا أيضا في المراد بالتعمير في الآية على أقوال أحدها أنه أربعون سنة نقله الطبري عن مسروق وغيره وكأنه أخذه من قوله " بلغ أشده وبلغ أربعين سنة . والثاني ست وأربعون سنة أخرجه ابن مردويه من طريق مجاهد عن ابن عباس وتلا الآية ورواته رجال الصحيح إلا ابن خثيم فهو صدوق وفيه ضعف والثالث سبعون سنة أخرجه ابن مردويه من طريق عطاء عن ابن عباس أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فقال نزلت تعييرا لأبناء السبعين وفي إسناده يحيى بن ميمون وهو ضعيف الرابع ستون وتمسك قائله بحديث الباب وورد في بعض طرقه التصريح بالمراد فأخرجه أبو نعيم في " المستخرج " من طريق سعيد بن سليمان عن عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة بلفظ العمر الذي أعذر الله فيه لابن آدم ستون سنة أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وأخرجه ابن مردويه من طريق حماد بن زيد عن أبي حازم عن سهل بن سعد مثله الخامس التردد بين الستين والسبعين أخرجه ابن مردويه من طريق أبي معشر عن سعيد عن أبي هريرة بلفظ من عمر ستين أو سبعين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر وأخرجه أيضا من طريق معتمر بن سليمان عن معمر عن رجل من غفار يقال له محمد عن سعيد عن أبي هريرة بلفظ " من بلغ الستين والسبعين " ومحمد الغفاري هو ابن معن الذي أخرجه البخاري من طريقه اختلف عليه في لفظه كما اختلف على سعيد المقبري في لفظه وأصح الأقوال في ذلك ما ثبت في حديث الباب ويدخله في هذا حديث معترك المنايا ما بين ستين وسبعين أخرجه أبو يعلى من طريق إبراهيم بن الفضل عن سعيد عن أبي هريرة وإبراهيم ضعيف

قوله حدثنا عبد السلام بن مطهر ) بضم أوله وفتح المهملة وتشديد الهاء المفتوحة وشيخه عمر بن علي هو المقدمي وقد تقدم بهذا الإسناد إلى أبي هريرة حديث آخر وذكرت أن عمر مدلس وأنه أورده بالعنعنة وبينت [ ص: 244 ] عذر البخاري في ذلك أنه وجد من وجه آخر مصرح فيه بالسماع وأما هذا الحديث فقد أخرجه أحمد عن عبد الرزاق عن معمر عن رجل من بني غفار عن سعيد المقبري بنحوه وهذا الرجل المبهم هو معن بن محمد الغفاري فهي متابعة قوية لعمر بن علي أخرجه الإسماعيلي من وجه آخر عن معمر ووقع لشيخه فيه وهم ليس هذا موضع بيانه

قوله أعذر الله الإعذار إزالة العذر والمعنى أنه لم يبق له اعتذار كأن يقول لو مد لي في الأجل لفعلت ما أمرت به يقال أعذر إليه إذا بلغه أقصى الغاية في العذر ومكنه منه وإذا لم يكن له عذر في ترك الطاعة مع تمكنه منها بالعمر الذي حصل له فلا ينبغي له حينئذ إلا الاستغفار والطاعة والإقبال على الآخرة بالكلية ونسبة الإعذار إلى الله مجازية والمعنى أن الله لم يترك للعبد سببا في الاعتذار يتمسك به والحاصل أنه لا يعاقب إلا بعد حجة

قوله أخر أجله يعني أطاله حتى بلغه ستين سنة وفي رواية معمر لقد أعذر الله إلى عبد أحياه حتى يبلغ ستين سنة أو سبعين سنة لقد أعذر الله إليه لقد أعذر الله إليه .

قوله تابعه أبو حازم وابن عجلان عن المقبري ) أما متابعة أبي حازم وهو سلمة بن دينار فأخرجها الإسماعيلي من طريق عبد العزيز بن أبي حازم " حدثني أبي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة " كذا أخرجه الحفاظ عن عبد العزيز بن أبي حازم وخالفهم هارون بن معروف فرواه عن ابن أبي حازم عن أبيه عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة أخرجه الإسماعيلي وإدخاله بين سعيد وأبي هريرة فيه رجلا من المزيد في متصل الأسانيد وقد أخرجه أحمد والنسائي من رواية يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن سعيد المقبري عن أبي هريرة بغير واسطة وأما طريق محمد بن عجلان فأخرجه أحمد من رواية سعيد بن أبي أيوب عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة بلفظ من أتت عليه ستون سنة فقد أعذر الله إليه في العمر قال ابن بطال : إنما كانت الستون حدا لهذا لأنها قريبة من المعترك وهي سن الإنابة والخشوع وترقب المنية فهذا إعذار بعد إعذار لطفا من الله بعباده حتى نقلهم من حالة الجهل إلى حالة العلم ثم أعذر إليهم فلم يعاقبهم إلا بعد الحجج الواضحة وإن كانوا فطروا على حب الدنيا وطول الأمل لكنهم أمروا بمجاهدة النفس في ذلك ليتمثلوا ما أمروا به من الطاعة وينزجروا عما نهوا عنه من المعصية وفي الحديث إشارة إلى أن استكمال الستين مظنة لانقضاء الأجل وأصرح من ذلك ما أخرجه الترمذي بسند حسن إلى أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رفعه أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك . قال بعض الحكماء الأسنان أربعة سن الطفولية ثم الشباب ثم الكهولة ثم الشيخوخة وهي آخر الأسنان وغالب ما يكون ما بين الستين والسبعين فحينئذ يظهر ضعف القوة بالنقص والانحطاط فينبغي له الإقبال على الآخرة بالكلية لاستحالة أن يرجع إلى الحالة الأولى من النشاط والقوة وقد استنبط منه بعض الشافعية أن من استكمل ستين فلم يحج مع القدرة فإنه يكون مقصرا ويأثم إن مات قبل أن يحج بخلاف ما دون ذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية